حكمهم القصير قد أثر بمعظمه على كل حاج استفسر عن تلك الفرقة الجديدة.
وإذا تطلب الأمر دليلا آخر على أن الوهابيين مسلمون محافظون فإن كتبهم توضح ذلك، فحينما استولى سعود على مكة وزع نسخا من تلك الكتب على السكان (?) وأمر أن يحفظها التلاميذ في المدارس العامة، وليس فيما احتوته إلا ما لا بد لكل تركي من أن يعترف بأنه الحق، وكانت لدى سعود فكرة سيئة مؤداها أن سكان تلك المدينة نشئوا على جهل تام بدينهم، ولذلك رغب في أن يعلمهم أصوله الأولى " (?) .
إلى أن قال: " ولا يوجد في النظام الوهابي أي مبدأ أخلاقي جديد، فقد اتخذ محمد بن عبد الوهاب القرآن والسنة دليله الوحيد، والخلاف بين فرقته وبين الأتراك السنة مهما قيل عنه هو أن الوهابيين يتبعون بدقة نفس الأحكام التي أهملها الآخرون، أو توقفوا عن مزاولتها كلية، ولهذا فإن وصف الديانة الوهابية ما هو إلا تلخيص للعقيدة الإسلامية، ولإيضاح النقاط التي تختلف فيها هذه الفرقة عن الأتراك لا بد من إعطاء قائمة بكل المفاسد التي يدان بها هؤلاء الأخيرون، ويؤيد هذا القول بقوة رأي علماء أجلاء من القاهرة، ففي خريف عام 1815م أرسل الزعيم الوهابي مندوبين إلى هذه المدينة أحدهما عالم وهابي جليل (?) .
وقد طلب محمد علي باشا منهما أن يشرحا عقيدتهما لعلماء القاهرة الكبار، فتقابل العالم الوهابي معهم عدة مرات، وأحرز قصب السبق عليهم لأنه كان يبرهن على كل مسألة عن ظهر قلب بآية من القرآن أو حديث من السنة، وهما مما لا يمكن رده بطبيعة الحال، فأعلن أولئك العلماء أنهم لم