الوهابيين كانوا يحاولون أن يوجدوا ديانة جديدة تماما، وأنهم يعاملون الأتراك بقسوة متناهية لأنهم مسلمون، وهو اعتقاد لا ينفيه تصرف كثير من الوهابيين (?) على أن أصحاب هذا التصرف من البدو الذين كانوا جهلاء تماما بالإسلام قبل أن يعرفوا الوهابية، والذين لا تزال معرفتهم به غير صحيحة، ولذلك فإن المبادئ الجديدة بدت لهم ديانة جديدة، خاصة بعد أن عرفوا عادات الحجاج الأتراك وسكان المدن العرب ومبادئهم المختلفة، وقارنوها بمبادئهم الخاصة، ولم تسمح لهم روح التعصب التي غذاها رئيسهم بكل ما وسعه أن يفرقوا بين أمور لا يعرفون عنها إلا معرفة غير صحيحة، وهذا يفسر بوضوح كيف حدث أنهم كانوا يتهمون الأتراك بالكفر، وأن الأتراك بدورهم كانوا يتهمونهم بذلك، على أن قليلا من السوريين الأذكياء الذي قاموا بأداء الحج وجدوا فرصا للتحدث مع المطلعين من الوهابيين، واقتنعوا - على الأرجح - أن عقيدة البدو كانت هي عقيدة الإسلام (?) ومع أن آراءهم قد لا تتفق مع آراء الوهابيين في كل النقاط فقد شعروا أنه من غير الإنصاف تسميتهم كفارا، لكن شهادة مثل هؤلاء إن جسروا على أدائها دون تعريض أنفسهم لتهمة سوء إسلامهم، كانت غير مجدية أمام الصيحة العامة خاصة بعد سنة 1803 م حين ردت قوافل الحج، وتكون رأي عام بأن الوهابيين كانوا أعداء لدودين للديانة الإسلامية " (?) .
" ومنذ أن وطد جيش محمد علي مكانته في الحجاز ولم تعد مكائد الشريف غالب ذات جدوى، وبدأت الاتصالات المباشرة مع زعماء الوهابيين وقادتهم الصغار، وعادت قوافل الحج تسير في طرقها القديمة، عرفت حقيقة الوهابيين أحسن من ذي قبل حتى في الأجزاء البعيدة من المناطق التركية، ومن المرجح أن الاحترام الذي عبر عنه أهل مكة تجاه