5 - وعلى هذا فإن الإمام سعودا لم يمنع أحدا من المسلمين من الحج، إنما منع إهانة البلاد المقدسة بالبدع والمنكرات التي تصحب المحمل وقوافل الحج، إذن فالمشكلة تكمن في أن أكثر المسلمين المتعلقين بالبدع لا يستغنون في حجهم وعمرتهم وزيارتهم للديار المقدسة عن ممارسة البدع، من زيارة القباب والقبور والمشاهد والآثار والأشجار والأحجار التي يقدسونها ويتبركون بها بزعمهم، كما أسلفت.
6 - كما أن الدولة السعودية لما مكنها الله تعالى من حكم إمارة مكة منعت بدعة المحمل، وما يصاحبها من بدع ومنكرات لا تليق، وتتنافى مع تعظيم شعائر الله والمشاعر المقدسة، وأهل البدع أصروا على اصطحاب المحمل وهم قادمون من عدد من البلاد الإسلامية المجاورة وغير المجاورة أو لا يحجون، فانقطع كثير منهم عن الحج لهذا السبب.
وقد ذكر الجبرتي مرة أخرى - وهو مؤرخ محايد - ذلك، وبين أن ابن سعود لم يمنع الحج لكنه منع البدع، قال في حوادث سنة (1223 هـ) : " ومنها انقطاع الحج الشامي والمصري معتلين بمنع الوهابي (?) الناس عن الحج، والحال ليس كذلك، فإنه لم يمنع أحدا يأتي الحج على الطريق المشروعة، وإنما يمنع من يأتي بخلاف ذلك من البدع التي لا يجيزها الشرع مثل المحمل والطبل والزمر وحمل الأسلحة، وقد وصل طائفة من حجاج المغاربة وحجوا ورجعوا في هذا العام وما قبله، ولم يتعرض لهم أحد بشيء " (?) .
يقول الدكتور عجيل النشمي:
" والحق الذي ينبغي أن يكشف أن الأمير سعودا لم يمنع أحدا من حج بيت الله الحرام، وكل ما حدث من ذلك إنما هي ملابسات اقتضتها الظروف السياسية والعسكرية، وكان لها ما يبررها فعلا، ولنثبت ذلك بتتبع هذا المنع كما أوردته ثقات المصادر "، ثم ذكر ذلك وقال:
" ويلاحظ هنا أنه منذ أن دخل سعود مكة في حجته الرابعة عام (1222 هـ) لم يحج