أمنت السبل، وسلكت الطرق بين مكة والمدينة، وبين مكة وجدة والطائف، وانحلت الأسعار، وكثر وجود المطعومات، وما يجلبه عربان الشرق إلى الحرمين من الغلال والأغنام والأسمان والأعسال، حتى بيع الأردب من الحنطة بأربع ريالات، واستمر الشريف غالب يأخذ العشور من التجار، وإذا نوقش في ذلك يقول: هؤلاء مشركون، وأنا آخذ من المشركين، لا من الموحدين (?) " (?) .
إذن فالمشكلة في أن أكثر أهل البدع لا يستغنون في حجهم وعمرتهم وزيارتهم للديار المقدسة عن ممارسة البدع، من زيارة القباب والقبور والمشاهد والآثار والأشجار والأحجار التي يقدسونها، ويتبركون بها بزعمهم.
4 - فالدعوة والدولة السعودية عملت بوصية النبي صلى الله عليه وسلم بإزالة كل آثار البدع من هذه القباب والمشاهد والمزارات، وحلق الصوفية وسماعاتها، وإزالة مظاهر الفرقة من تعدد الجماعات في المسجد الحرام وغيره.
وأهل البدع لا يرون للحج معنى ولا قيمة بدون هذه البدع، فلما علموا أنهم سيمنعون منها وأن مشاهدها أزيلت عدلوا عن الحج، وقد شهد المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي أيضا - وهو محايد - كما ذكرت بهذه الحقيقة، وعبر عنها بوضوح قائلا:
" وفيه (?) ورد الخبر بأن ركب الحاج الشامي رجع من منزلة هدية ولم يحج في هذا العام؛ وذلك أنه لما وصل إلى المنزلة المذكورة أرسل الوهابي إلى عبد الله باشا أمير الحاج يقول إنه لا تأت إلا على الشرط الذي شرطناه عليك في العام الماضي، وهو أن يأتي بدون المحمل، وما يصحبهم من الطبل والزمر والأسلحة، وكل ما كان مخالفا للشرع، فلما سمعوا ذلك رجعوا من غير حج، ولم يتركوا مناكيرهم " (?) .