وكذلك أمراء مكة وقد أعلنوا موقفهم العدائي للدعوة وإمامتها ودولتها وأتباعها في وقت مبكر، ومنعوهم من أبسط حقوقهم وهو الحج.

قال محمود فهمي باشا المهندس المصري في الجزء الأول من تاريخه (البحر الزاخر) في سياق الكلام على الدعوة وأهلها التي سماها: الوهابية.

«ومن بعد مدة استمرت في محاربات شديدة، ووقائع عتيدة، دخل جميع بلاد العرب في العقائد الوهابية، أي العقائد الإصلاحية للديانة الإسلامية، وصارت نجد أيضًا في حالة سياسية مدنية جديدة، وبدل أن كانت جهاتها منقسمة إلى عدة عشائر، وشعوب صغيرة منفصلة عن بعضها ومستمرة في حروب وكروب بين بعضها صارت مقر دولة قوية، وسلطنة سياسية، مثال سلطنة الخلفاء القدماء ولرئيس هذه الدولة السلطة في الأعمال الدينية، والدنيوية» .

«ومع ما كان عليه الوهابيون من الحروب والمبارزات في بلاد العرب لم يعتدوا على حقوق الحكومتين المجاورتين لهم، وهما حكومة بغداد والحجاز، وكانت قوافل الحجاج تمر من وسط أراضيهم من غير أن يحصل لأي قافلة ضرر أو انزعاج، وكانوا في أحوال أخوية ودية مع الشريف سرور شريف مكة، وفي سنة (1781) بعد الميلاد استحصلوا على رخصة منه في أداء حجهم وطوافهم بالكعبة، فتولد من زيادة قوتهم، ونفوذ شوكتهم اشتعال نار الحسد في قلب الشريف غالب، وفي ظرف بضع سنين من تقلده الحكومة وتوظفه شريف مكة بعد الشريف سرور أعلن حربًا على الوهابية وكانت طرائق هذا الحرب مثل طرائق حرب البدو متقطعًا بهدنات صغيرة قصيرة المدة؛ ولما انتظمت مخابرات الشريف غالب مع الدولة التركية العثمانية لم يهمل أدنى طريقة يمكنه إجراؤها في تمكين الدولة العثمانية من دخول عساكرها في بلاد العرب لأجل الوقوع بالوهابيين إلا وأجراها، وأثبت (?) أنهم من الملحدين الكافرين، وأن معاملتهم مع قوافل الحجاج التركية من أقبح الأعمال الفاسدة المضرة بالدين» اهـ.

«ثم قد أعقب هذا الافتراء والإفساد أن أمرت الدولة العثمانية حكومة بغداد قتال الوهابيين ففعلت فلما اشتغل الوهابيون بقتال الدولة، ودخلوا العراق زحف الشريف غالب على نجد، واستولى على قرية فيها فكان هذا هو السبب لزحف الوهابيين على الحجاز وفتحه» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015