المشاكل التي يعتبرونها أساسية. وهذا هو المجال الذي يمكن فيه لعلم اللغة أن يتقدم ويحقق كثيرا من نتائجه العملية, وكل اللغويين الذين يستحقون الإشارة إلى أسمائهم لا بد وأن يكونوا قد وصلوا الآن إلى نتيجة محققة، هي أن العلوم لا تحيا في فراغ، وأنه بينما يمكنك أن تخلق العلماء الباحثين لذات العلم، الذين لا يأبهون للجانب العملي أو التطبيقي، فإن التطبيق العملي للعلوم يحيا في كل ميدان، ولا يصح أن يمتهن أو يحتقر.
ومن وقت لآخر تعلو نداءات لإعادة توحيد علم اللغة، وعبور الفجوة، التي أخذت تتطور وتتسع بالتدريج بين علم اللغة التاريخي والوصفي, وقد بذلت محاولات عدة لإدخال المناهج الوصفية ومصطلحات علم اللغة الوصفي على علم اللغة التاريخي1.
وإنه مما لا شك فيه أنه لا بد أن يخلق نوع من الانسجام والتعاون بين فروع علم اللغة, كذلك مما لا شك فيه أنه لا بد أن توجد هدنة لوقف المعارك الفكرية الناشئة عن إصرار أتباع كل فرع على عرض المشاكل المتعلقة بالآخرين من خلال منظارهم هم.
وعلى كل حال فليس هناك فائدة يمكن أن تتحقق -في رأي صاحب هذا الكتاب- عن طريق إدماج الفروع في فرع واحد، له منهج واحد، واصطلاحات واحدة، بعد أن أثبت دي سوسير أنها فروع متعددة، وميادين منفصلة, وإن كل فرع من فروع علم اللغة سواء الوصفي أو التاريخي أو الجغرافي له مشاكل الخاصة، وموضوعاته الخاصة، ومنهجه الخاص، واسمه الخاص, وقد انبثقت جميعا بعد تاريخ طويل من الأخذ والرد والخطأ والصواب, وهي الآن قد بدأت تستقر وتأخذ شكلا مناسبا لكل فرع.