وإن المحاولات التي بذلت لاتباع المناهج الوصفية لمعالجة مشاكل تاريخية صرفة قد أدت إلى تعقيد الحلول، وقادت إلى موقف احتاجت معه إلى عشر صفحات لتشرح ما هو مبين من قبل، في صفحة واحدة, وأي محاولة للرجوع بعلم اللغة الوصفي إلى نقطة وجوده في القرن التاسع عشر بمناهجه وحالته، لن تكلل بالنجاح، كذلك لن تكلل بالنجاح أي محاولة للتقليل من قيمة علم اللغة الجغرافي، أو القول بأنه لا حاجة إلى اعتباره علما منفصلا, وإن الفشل في تحقيق نتائج هامة لعلم اللغة الجغرافي على يد العلماء التاريخيين أولا، والعلماء الوصفيين ثانيا، ليعطي دليلا واضحا على ضرورة معالجة علم اللغة الجغرافي معالجة خاصة على يد خبراء متخصصين.
ومن ناحية أخرى فإن الجانب الجغرافي من علم اللغة هو الذي أثار -خلال الحرب العالمية الثانية- اهتمام الحكومة، وأدى إلى إنشاء مكتب تحليل الوسائط Media صلى الله عليه وسلمnalysis رضي الله عنهureau ووضع المناهج الدراسية العملية لتعليم اللغات لأفراد القوات المسلحة. وقد كانت الحكومة مهتمة بالناحية العملية لا النظرية أو التاريخية للغة. لقد كانت تريد أن تعرف أي اللغات تستعمل في العالم، ومن وكم يتكلم بها، وكيف تستعمل، وكانت تريد أن تجهز تحت يديها أكبر عدد ممكن من الناس الذين يمكنهم أن يتكلموا ويفهموا اللغات، وعددا أصغر من الخبراء الذين يمكنهم أن يتعرفوا عليها, وكل هذا لم يكن لا تاريخيا ولا وصفيا، وإنما جغرافيا, وإن الفروع الثلاثة المتآخية سوف تحقق أحسن النتائج إذا سمح لها أن تسير جنبا إلى جنب كفروع منفصلة، لكن كشركاء متساوين تتقاسم اكتشافاتها، وتطبق على بعضها ما يمكن تطبيقه من مناهج بعضها الآخر ومصطلحاته وآرائه. وأي شيء وراء هذا سوف ينتهي إلى نوع من القسر وتضييع الجهد وعدم الكفاءة.