والالتقاء، وقربت المسافات إلى أقصى مدى ممكن، وحصل تبادل في الثقافة ووسائل التجارة، وأصبح أي اضطراب سياسي في مكان ما لا يؤثر فقط على بلد واحد أو منطقة واحدة، وإنما ينعكس في مناطق بعيدة من العالم. إنه ليس مقبولا أو مستساغا الآن أن يعتقد شخص مثقف أن اللغة الإسبانية هي المتكلمة في البرازيل1, وأن يتحير أمام صحيفة معروضة في محل لبيع الصحف أهي مكتوبة بالروسية أم البولندية2, وهناك حاجة ملحة الآن لوضع تعليمات يمكن أن تمد دارسي اللغات بمعلومات أقل ما تحويه، تعريفهم باللغات الرئيسية في العالم، ومكانها على الخريطة، ومن المتكلمون بها، وما عددهم، وما قيمتهم من الناحية السياسية والاقتصادية والثقافية، ومن غير أي جهد لتحويل الدارس إلى متكلم باللغات الرئيسية -الأمر الذي يعد مستحيلا بشكل واضح- فإن هذا النوع من الدراسة سوف يزوده على الأقل بالسمات الهامة لتلك اللغات من ناحيتيها المتكلمة والمكتوبة، بقصد التعرف على كل، إن لم يكن هناك قصد آخر.
هذا النوع من المعلومات -ذو الطابع العملي بدرجة كبيرة- يشكل الأساس لعلم اللغة الجغرافي في معناه العام الأولي. إنه لمن الأهمية بمكان للمتعلم الجامعي -على الأقل- أن يعرف أن البرتغالية تتكلم في البرازيل، وأن الصينية -بلهجاتها المتعددة- تملك أكثر من 600 مليون متكلم، وأن الألمانية والروسية -أكثر من الإنجليزية والفرنسية- يمكن أن تستعملا الآن كلغات بديلة في المجر، وفي تشيكوسلوفاكيا، تمامًا كما هو هام أن يعرف الفرق بين الصوت والفونيم، أو يعرف أن اللغة الرومانية متفرعة عن اللاتينية، وأن اللاتينية متفرعة بدورها عن الأسرة الهندية الأوربية، أما في معناه العلمي المعقد فإن علم اللغة