تتجنب اللغة المتكلمة، وتحاول أن تمثل الأفكار والتجارب مباشرة، نجد بعضًا آخر يستعمل الكتابة كوسيط بين الطرفين، وإن الكتابة التصويرية pictographic-ideographic أو Logographic كما تبدو في الصينية الحديثة, تظهر -من النظرة الأولى- ولا صلة بينها وبين اللغة المتكلمة، ما دامت الرموز المكتوبة لا يبدو أنها تعنى بتمثيل أصوات اللغة، ولكن هذه الرموز -مع ذلك- تمثل الكلمات المنطوقة في ترتيبها الذي ترد فيه عادة أثناء الكلام، ومعنى هذا أن بعض المعلومات التي تتعلق باللسان المنطوق -على الرغم من أنها تتعلق بتركيب الجملة فقط- يدل عليها بالكتابة التصويرية وبمجرد أن نعد ترجمة لسلسلة من الرموز الصينية كلمة مقابل كلمة نستطيع أن نعرف النظام الذي تتبعه اللغة الصينية في ترتيب مفرداتها أثناء الكلام.
أما الأبجدية المقطعية الشائعة في كثير من لغات العالم فتذهب خطوات أبعد من هذا إنها تحاول أن تمثل -على اختلاف في درجة الإتقان- الأصوات المتكلمة للغة، وأن تحمل معلومات لا تتعلق بكيفية ترتيب الكلمات، ولكن بكيفية نطقها.
وقد سبق بالفعل "المبحث رقم 12" بيان الأضرار المتولدة عن استعمال الصيغ المكتوبة كشواهد على اللغة المتكلمة الموجودة، وإن عالم اللغة التاريخي -أثناء استعماله المادة المكتوبة الموضوعة تحت تصرفه- يجب على الدوام أن يتخذ الحيطة في قبول حجيتها التي تعد ذات قيمة سطحية، ومن ناحية أخرى من الممكن للباحث أن يغلب جانب الشك إلى حد كبير، وفي حالة أي كتابة بنيت على أساس مقطعي أو هجائي يمكننا -ونحن مطمئنون- أن نزعم أنه كانت توجد أصلا- مع الأخذ في الاعتبار جانب التسامح في الحكم نظرًا لجهل واضع النظام بالأسس الفونيمية الحديثة- الرغبة الصادقة في تمثيل الأصوات الفعلية المتكلمة، سواء عن طريق الرمز لكل صوت، أو الرمز