أتى رمضانُ مزرعةُ العبادةْ ... لتطهيرِ القلوبِ مِنَ الفسادِ
فأدِّ حقوقَهُ قولًا وفعلًا ... وزادَكَ فاتخذهُ للمعادِ
فمَنْ زرعَ الحُبوبَ وما سَقَاها ... تَأَوَّهَ نادمًا يومَ الحَصَادِ
وقد ذكر العلماء أن شهر رجب شهر البذر، وشعبان شهر السقي، ورمضان شهر جني الثمار، فلكي تجني الثمار في رمضان لا بد من بذر يبذر، وأن يسقى حتى تكون له ثمرة.
أيها الإخوة، إننا ينبغي ابتداء أن نستعد لرمضان وذلك بخطوتين:
الأولى: إثارة الشوق، بأن يثور من قلوبنا شوق لأن نستقبل رمضان فنرحم فيه وتعتق رقابنا من النار.
والثانية: إنك لو اشتقت لشممت ريح رمضان عن بعد كما شمَّ يعقوب ريح يوسف، فلو شممت ريح رمضان ولبست قميصه لعاد قلبك بصيرًا،
فالاستعداد لرمضان بخطوتين: الشوق، وبصيرة القلب.
أما الشوق فإنه عملية غليانٍ في القلب تحفُّزًا لاستقبال محبوب غائب طال انتظاره، وأما البصيرة والنور في القلب فإنها تجعل الإنسان يرى فضل الأيام وثمرة الأعمال ووعود الآخرة، فيكون ذلك دافعًا لعلو الهمة في الاستقبال والاستعداد.
إخوتاه، حريٌّ بنا أن نستعد استعدادًا حقيقيًّا لاستقبال شهر رمضان، أن نعلم كيف نصومه حقًّا. إنك في عبادة من ساعة نويت الصوم عند طلوع الفجر كأنك دخلت الصلاة بتكبيرة إحرام، فإياك أن يلتفت قلبك عن الله أثناء النهار، في أثناء النهار أنت صائم يعني عابد لله، فاحذر من التفات القلب، وهذه هي بصيرة القلب، أن ترى بعين قلبك طيلة نهار الصيام نفسك قائمًا بين يدي الله عَزَّ وَجَلَّ.