ولذلك كان السلف يستعدون لرمضان استعدادًا حقيقيًّا يبدأ ذهنيًّا، فيدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعون الله ستة أشهر أخرى بعد رمضان أن يتقبل رمضان، فكأن السنة كلها رمضان، ومن الاستعداد أيضًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر الصيام في شعبان حتى كان يصومه كله إلا قليلًا، وما رؤي في شهر هو أكثر صيامًا من شعبان، وما استكمل صيام شهر قط إلا رمضان.

هؤلاء السلف كانوا يعرفون قدر رمضان، قال يحيى بن أبي كثير: كان من دعائهم: اللَّهم سلِّمْنِي إلى رمضان وسلِّم إليَّ رمضان، اللَّهم سلمنا لرمضان وسلم رمضان لنا، وتسلمه منا متقبلًا.

بلوغ رمضان نعمة من الله علينا:

أيها الإخوة، إن بلوغ شهر رمضان، وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه، يدل على ذلك هذا الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رجلان من بلى من قُضاعة أسلما مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستشهد أحدهما وأُخِّر الآخر سنة، قال طلحة بن عبيد الله: فأُرِيت الجنة فرأيت فيها المؤخر منهما أُدْخِل قبل الشهيد فعَجِبت لذلك، فأصبحت فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أليس قد صام بعده رمضان، وصلى ستة آلاف ركعة أو كذا وكذا ركعة صلاة السُّنة؟ "، وفي رواية قال: "وأدرك رمضان فصامه، وصلى كذا وكذا سجدة في السَّنة؟ " قالوا: بلى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الذي بينهما لأبعد مما بين السماء والأرض" (?).

فبلوغ رمضان نعمة، ومن حرم من رمضان فهو المحروم، من حرم خيره فهو المحروم، ومن لم يتزود لاستقباله فهو ملوم ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015