فالجانب الروحي في الشر وظيفته الرئيسية إيجاد صلة مستمرة بين العبد وخالقه -عز وجل- من خلال دائرة العبادة الواسعة، التي تشمل حياة هذا الإنسان بكليته؛ مبتغيًا بذلك مرضاة الله -عز وجل-، متبعًا فيه شريعة الحق تبارك وتعالى، وتنقطع هذه الصلة الروحية عند انحراف هذا الإنسان عن ابتغاء مرضاة الله -عز وجل-، وتطبيق شرعه القويم، وتعود بعودة الإنسان إليها.
وفي الاعتكاف فرصة كبيرة لتحقيق هذه الصلة المستمرة بين العبد وربه -عز وجلَّ-، وذلك لِتَوَفر بُغْيَة مرضاة الله -عز وجل-، واتباع شرعه تبارك وتعالى بصورة مستمرة أثناء الاعتكاف، والجوانب التربوية لسنة الاعتكاف لا تنحصر في تربية النفس على تحري ليلة القدر، أو في تربية الجانب الروحي في حياة الإنسان المسلم، وإنما هناك جوانب تربوية متعددة تمكننا أن نقول: إن الاعتكاف يعتبر بحق مدرسة إسلامية تنعقد بصورة سنوية.
وعندما تعمل التربية الإِسلامية على الوصول بالإنسان المسلم إلى درجة {أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}، كان لا بد وأن تُعيرَها السُّنَّةُ جُلَّ اهتمامها، وتعمل على ترسم خطا النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحواله كما كان يفعل ذلك الصحابة رضوان الله عليهم، فكانوا نماذج بشرية عالية الهمم، أمثال: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم - رضي الله عنهم - وعن الصحابة أجمعين، كانوا يعملون باستمرار في اتباعه - صلى الله عليه وسلم - في جميع أموره حتى وإن لم يعرفوا الحِكْمَة في سلوكه - صلى الله عليه وسلم - في أي موقف من مواقف حياته.
ولا أدل على ذلك من أنه قد ورد عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال: "ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟ "، قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال