[علة بناء الأعداد المركبة على الفتح]
فإن قيل: فَلِمَ بُني ما زاد على العشرة، من أحدَ عشرَ إلى تسعة عشر؟ قيل: لأن الأصل في "أحدَ عشرَ: أحد وعشر" فلما حذف حرف العطف وهو الواو1، ضُمنا معنى حرف العطف، فلما تضمنا معنى الحرف؛ وجب أن يُبنيا، وبُنيا على حركة؛ لأن لهما حالة تمكن قبل البناء، وكان الفتح أولى؛ لأنه أخف الحركات؛ وكذلك سائرها.
[علة عدم بناء اثنين في اثني عَشَر]
فإن قيل: فَلِمَ لم يبنوا اثنين في اثني عشر؟ قيل: لوجهين:
أحدهما: أن علم التثنية فيه، هو علم الإعراب، فلو نزعوا منه الإعراب؛ لسقط معنى التثنية.
والثاني: أن إعرابه في وسطه، وفي حال التركيب، لم يخرج عن ذلك؛ فوجب أن يبقى على ما كان عليه. وبُني "عشر" لوجهين:
أحدهما: أن يكون بُني على قياس أخواته؛ لتضمنه معنى حرف العطف.
والثاني: أن يكون بُني؛ لأنه قام مُقام النُون من "اثنين" فلما قام مُقام الحرف، وجب أن يُبنى، وليس هو كالمضاف، والمضاف إليه؛ لأن كل واحدٍ من المضاف والمضاف إليه، له حكم في نفسه، بخلاف "اثني عشر" ألا ترى أنك إذا قلت: "ضربت اثني عشر رجلاً" كان الضرب واقعًا بالعشر والاثنين، كما لو قلت: "ضربت اثنين" ولو قلت: "ضربت غلام زيد" لكان الضرب واقعًا بالغلام دون زيد؟ فلهذا، قلنا: إن العشر قام مُقام النون، وخالف المضاف إليه.
[علة حذف الواو من الأعداد المركبة]
فإن قيل: فَلِمَ حُذفت الواو من أحَدَ عَشَرَ إلى تسعةَ عشَرَ وجُعل الاسمان اسمًا واحدًا؟ قيل: إنما فعلوا ذلك حملاً على العشرة وما قبلها من الآحاد؛ لقربها منها؛ لتكون على لفظ الأعداد المفردة، وإن كان الأصل هو العطف، والذي يدل على ذلك أنهم إذا بلغوا /إلى/2 العشرين ردُّوها إلى العطف؛ لأنه الأصل، وإنما ردوها إذا بلغوا إلى العشرين؛ لبعدها عن الآحاد.