[علة عدم اشتقاقهم من لفظ الاثنين]
فإن قيل: فهلَّا اشتقوا من لفظ الاثنين كما اشتقوا من لفظ الثلاثة والأربعة؛ نحو: "الثلاثين والأربعين"؟ قيل: لأنهم لو اشتقوا من لفظ الاثنين لما كان يتم معناه إلا بزيادة واوٍ ونون، أو ياء ونون، وكان يُؤدي إلى أن يكون له إعرابان، وذلك لا يجوز، فلم يبقَ من الآحاد شيءٌ يُشتقُ منه إلا العشرة، فاشتقوا من لفظها عددًا/ عوضًا/1 عن اشتقاقهم من لفظ الاثنين؛ فقالوا: "عشرون".
[علة كسر العين من عشرين]
فإن قيل: فَلِمَ كسروا العين من "عِشرين"؟ قيل: لأنه لَمَّا كان الأصل أن يشتق من لفظ الاثنين، وأول الاثنين مكسور، كسروا أول العشرين ليدلوا بالكسر على الأصل.
[علة كون تمييز الأعداد من أحد عشر إلى تسعة وتسعين مفردًا نكرة منصوبة]
فإن قيل: فَلِمَ وجب أن يكون ما بعد أحد عشر إلى تسعة وتسعين واحدًا نكرةً منصوبة؟ قيل: إنما كان واحدًا نكرة؛ لأن المقصود من ذكر النوع تبيين المعدود من أي نوع هو، وهذا يحصل بالواحد النكرة، (وكان الواحد النكرة) 2 أولى من الواحد المعرفة؛ لأن الواحد النكرة أخف من الواحدة المعرفة، ولا يلزم فيه ما يلزم في العدد الذي يُضاف إلى ما بعده، /و/3 لأنه ليس بمضاف، فيتوهم أنه جزءٌ مما بينته، كما يلزم بالمضاف4؛ فلذلك وجب أن يكون واحدًا نكرةً. وإنما وجب أن يكون منصوبًا؛ لأنه من أحد عشرَ إلى تسعة عشرَ؛ أصله التنوين، وإنما حُذف للبناء، وكأنه5 موجود في اللفظ؛ لأنه لم يقم مُقامة شيءٌ يبطل حكمه، فكان باقيًا في الحكم، فمنع من الإضافة. وأما العشرون إلى التسعين، ففيه النون موجودة، فمنعت من الإضافة، وانتصب على التمييز على ما بيناه في بابه.