[علَّة دخول الهاء على العدد المذكّر]
إن قال قائل: لِمَ أدخلت الهاء من الثلاثة إلى العشرة في المذكر؛ نحو: "خمسة رجال" ولم تدخل في المؤنث؛ نحو: "خمس نسوة"؟ قيل: إنما فعلوا ذلك للفرق بينهما فإن قيل: فهلَّا عكسوا، وكان الفرق حاصلاً؟ قيل: لأربعة أوجه:
الوجه الأوَّل: أن الأصل في العدد أن يكون مؤنثًا، والأصل في المؤنث أن يكون بالهاء، والمذكر هو الأصل، فأخذ الأصل الهاء؛ فبقي المؤنث بغير هاء.
والوجه الثاني: أن المذكر أخف من المؤنث، فلما كان المذكر أخف من المؤنث، احتمل الزيادة، والمؤنث لَمّا كان أثقل، لم يحتمل الزيادة.
والوجه الثالث: أن "الهاء" زيدت للمبالغة، كما زيدت في: علامة، ونسابة، والمذكر أفضل من المؤنث، فكان أولى بزيادتها.
والوجه الرَّابع: أنهم لَمَّا كانوا يجمعون ما كان على مثال "فُعَال" في المذكر بالهاء؛ نحو: "غُراب وأغربة" ويجمعون ما كان على هذا المثال في المؤنث بغير هاء؛ نحو: "عُقاب وأعقُب" حملوا العدد على الجمع؛ فأدخلوا الهاء في المذكر، وأسقطوها في2 المؤنث، وكذلك حكمها بعد التركيب/ إلى العشرة/3، إلا العشرة فإنها تتغير؛ لأنها تكون في حال التركيب في المذكر بغير هاء، والمؤنث بالهاء، لأنَّهم لَمَّا ركبوا الآحاد مع العشرة، صارت4 معها بمنزلة اسم واحد؛ كرهوا أن يثبتوا الهاء في العشرة، لئلا يصير بمنزلة الجمع بين تأنيثين في اسم واحدٍ على لفظ واحد.