عشر إلى تسعة وتسعين، وهو ينصب ما بعده؛ فلهذا، كان ما بعدها1 في الاستفهام منصوبًا؛ وأما في الخبر فلا تكون إلا للتكثير، فجُعلت بمنزلة العدد الكثير، وهو يجرُّ ما بعده؛ ولهذا2، كان ما بعدها مجرروًا في الخبر، لأنها نقيضة "رُبَّ" و"رُبَّ" تجر ما بعدها، وكذلك3 ما حُمل عليها.
[جواز النصب مع الفصل في الخبر وعِلَّة ذلك]
فإن قيل: فَلِمَ جاز النصب مع الفصل في الخبر؟ قيل: إنما جاز النصب عدولاً عن الفصل بين الجار والمجرور؛ لأنَّ الجار والمجرور بمنزلة الشيء الواحد، وليس الناصب مع المنصوب بمنزلة الشيء الواحد، على أن بعض العرب ينصب بها في الخبر من غير فصل، ويجرُّ بها في الاستفهام حملاً لإحداهما 4 على الأخرى.
فإن قيل: فَلِمَ إذا كانت استفهامية، لم تبين إلا بالمفرد النكرة، وإذا كانت خبرية جاز أن تبين بالمفرد والجمع؟ قيل: لأنها إذا كانت استفهامية، حُمِلَت على عددٍ ينصب ما بعده؛ وذلك لا يُبين إلا بالمفرد النكرة؛ نحو: أحدَ عشرَ رجلاً، وتسع وتسعون جارية؛ فلذلك، لم يجز أن تُبين إلا بالمفرد النكرة، وإذا كانت خبرية، حُملت على عددٍ يَجُرُّ ما بعده، والعدد الذي يَجُرُّ ما بعده، يجوز أن يُبين بالمفردم والنكرة/5 كـ "مائة درهم" وبالجمع كـ "ثلاثة أثواب" فلهذا، جاز أن يُتَبَيَّنَ بالمفرد والجمع، وأما اختصاصهما بالتنكير فيهما جميعًا؛ فلأن "كم" لَمَّا كانت للتكثير، والتكثير والتقليل لا يصح إلا في النكرة لا في المعرفة؛ لأن المعرفة تدل على شيءٍ مختص، فلا يصح فيه التقليل، ولا التكثير؛ ولهذا، كانت "رُبَّ" تختص بالنكرة؛ لأنها لَمَّا كانت للتقليل، والتقليل إنَّما يصح في النكرة لا في المعرفة، كما بيّنَّا في "كم" فاعرفه تصب، إن شاء الله تعالى.