وما المال والأهلون إلّا وديعة … ولا بدّ يوما أن تردّ الودائع (?)

وقول الآخر: [من الرمل]

إنّما نعمة قوم متعة … وحياة المرء ثوب مستعار (?)

فهذه جملة من القول تخبر عن صيغ «التمثيل» وتخبر عن حال المعنى معه.

فأما القول في العلّة والسبب، لم كان للتمثيل هذا التأثير؟ وبيان جهته ومأتاه، وما الذي أوجبه واقتضاه، فغيرها.

وإذا بحثنا عن ذلك، وجدنا له أسبابا وعللا، كلّ منها يقتضي أن يفخم المعنى بالتمثيل، وينبل ويشرف ويكمل.

فأوّل ذلك وأظهره، أنّ أنس النفوس موقوف على أن تخرجها من خفيّ إلى جليّ، وتأتيها بصريح بعد مكنّى، وأن تردّها في الشيء تعلّمها إياه إلى شيء آخر هي بشأنه أعلم، وثقتها به في المعرفة أحكم نحو أن تنقلها عن العقل إلى الإحساس وعما يعلم بالفكر إلى ما يعلم بالاضطرار والطبع، لأن العلم المستفاد من طرق الحواسّ أو المركوز فيها من جهة الطبع وعلى حدّ الضرورة، يفضل المستفاد من جهة النّظر والفكر في القوة والاستحكام، وبلوغ الثقة فيه غاية التمام، كما قالوا:

«ليس الخبر كالمعاينة» (?)، و «لا الظنّ كاليقين»، فلهذا يحصل بها العلم هذا الأنس أعني الأنس من جهة الاستحكام والقوة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015