لو كان سلك بالمعنى الظاهر من العبارة كقولك: «إن الجاهل الفاسد الطبع يتصوّر المعنى بغير صورته، ويخيّل

إليه في الصواب أنه خطأ»، هل كنت تجد هذه الروعة، وهل كان يبلغ من وقم الجاهل ووقذه، وقمعه وردعه والتهجين له والكشف عن نقصه، ما بلغ التمثيل في البيت، وينتهي إلى حيث انتهى؟.

وإن أردت اعتبار ذلك في الفنّ الذي هو أكرم وأشرف، فقابل بين أن تقول:

«إن الذي يعظ ولا يتّعظ يضرّ بنفسه من حيث ينفع غيره»، وتقتصر عليه وبين أن تذكر المثل فيه على ما جاء في الخبر من أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «مثل الّذي يعلّم الخير ولا يعمل به، مثل السّراج الذي يضيء للناس ويحرق نفسه»، ويروي: «مثل الفتيلة تضيء للناس وتحرق نفسها» (?).

وكذا فوازن بين قولك للرجل تعظه: «إنك لا تجزى السيئة حسنة، فلا تغرّ نفسك» وتمسك، وبين أن تقول في أثره: «إنك لا تجني من الشّوك العنب، وإنما تحصد ما تزرع»، وأشباه ذلك.

وكذا بين أن تقول: «لا تكلّم الجاهل بما لا يعرفه» ونحوه، وبين أن تقول:

«لا تنثر الدّرّ قدّام الخنازير» أو: «لا تجعل الدّرّ في أفواه الكلاب»، وتنشد نحو قول الشافعي رحمه الله:

أأنثر درّا بين سارحة الغنم (?) وكذا بين أن تقول: «الدنيا لا تدوم ولا تبقى»، وبين أن تقول: «هي ظلّ زائل، وعاريّة تستردّ، ووديعة تسترجع»، وتذكر قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من في الدنيا ضيف وما في يديه عاريّة، والضيف مرتحل، والعاريّة مؤدّاة»، وتنشد قول لبيد: [من الطويل]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015