وقول الآخر: [من الطويل]
فإن طرّة راقتك فانظر فربّما … أمرّ مذاق العود والعود أخضر (?)
وانظر إلى المعنى في الحالة الثانية كيف يورق شجره ويثمر، ويفترّ ثغره ويبسم، وكيف تشتار الأري من مذاقته، كما ترى الحسن في شارته.
وأنشد قول ابن لنكك: [من البسيط]
إذا أخو الحسن أضحى فعله سمجا … رأيت صورته من أقبح الصور (?)
وتبيّن المعنى واعرف مقداره، ثم أنشد البيت بعده:
وهبك كالشّمس في حسن، ألم ترنا … نفرّ منها إذا مالت إلى الضّرر
وانظر كيف يزيد شرفه عندك؟.
وهكذا فتأمّل بيت أبي تمام: [من الكامل]
وإذا أراد الله نشر فضيلة … طويت أتاح لها لسان حسود (?)
مقطوعا عن البيت الذي يليه، والتّمثيل الذي يؤدّيه، واستقص في تعرّف قيمته، على وضوح معناه وحسن بزّته، ثم أتبعه إياه:
لولا اشتعال النّار فيما جاورت … ما كان يعرف طيب عرف العود
وانظر هل نشر المعنى تمام حلّته، وأظهر المكنون من حسنه، وزينته، وعطّرك بعرف عوده، وأراك النضرة في عوده، وطلع عليك من طلع سعوده، واستكمل فضله في النفس ونبله، واستحقّ التقديم كلّه، إلا بالبيت الأخير، وما فيه من التمثيل والتصوير؟.
وكذلك فرق في بيت المتنبي: [من الوافر]
ومن يك ذا فم مرّ مريض … يجد مرّا به الماء الزّلالا (?)