وأما قول الأعرابي: «كيف الطلا وأمّه؟» فمن جنس «المفيد» أيضا، لأنه أشار إلى شيء من تشبيه المولود بولد الظبي، ألا تراه قال ذاك بعد أن انصرف عن السخط إلى الرضى، وبعد أن سكن عنه فورة الجوع الذي دعاه إلى أن قال: «ما أصنع به؟
آكله أم أشربه» حتى قالت المرأة «غرثان فاربكوا له» (?).
وأمّا قوله: [من البسيط]
إذا أشرف الدّيك يدعو بعض أسرته … عند الصّباح، وهم قوم معازيل (?)
فاستعارة «القوم» هاهنا، وإن كانت في الظاهر لا تفيد أكثر من معنى الجمع، فإنها مفيدة من حيث أراد أن يعطيها شبها مما يعقل. على أن هذا إذا حقّقنا في غير ما نحن فيه وبصدده في هذا الفصل، وذلك أنه لم يجتلب الاسم المخصوص بالآدميين حتى قدّم تنزيلها منزلتهم فقال: «هم»، فأتى بضمير من يعقل. وإذا كان الأمر كذلك، كان «القوم» جاريا مجرى الحقيقة. ونظيره أنك تقول: «أين الأسود الضّارية»؟ وأنت تعني قوما من الشجعان، فيلزم في الصفة حكم ما لا يعقل، فتقول:
«الضارية»، ولا تقول «الضارون» البتة، لأنك وضعت كلامك على أنك كأنك تحدّث عن الأسود في الحقيقة.
وعلى هذه الطريقة ينبغي أن يجرى بيت المتنبي: [من الكامل]
زحل، على أنّ الكواكب قومه … لو كان منك لكان أكرم معشرا (?)