الإبهام الذي يراد كشفه منه هو احتماله الأجناس، فيسمّي الحال مثلا تمييزا، من حيث أنك إذا قلت: «راكبا»، فقد ميّزت المقصود وبيّنته، كما فعلت ذلك في قولك:
«عشرون درهما» و «منوان سمنا» و «قفيزان برّا» و «لي مثله رجلا» و «لله درّه رجلا».
وليس هذا المذهب بالمذهب المرضيّ، بل الصواب أن تقصر «الاستعارة» على ما نقله نقل التشبيه للمبالغة، لأن هذا نقل يطّرد على حدّ واحد، وله فوائد عظيمة ونتائج شريفة، فالتطفل به على غيره في الذكر، وتركه مغمورا فيما بين أشياء ليس لها في نقلها مثل نظامه ولا أمثال فوائده، ضعف من الرأي وتقصير في النظر.
وربما وقع في كلام العلماء بهذا الشأن «الاستعارة» على تلك الطريقة العامّية، إلا أنه لا يكون عند ذكر القوانين وحيث تقرّر الأصول. ومثاله أن أبا القاسم الآمدي قال في أثناء فصل يجيب فيه عن شيء اعترض به على البحتري في قوله (?): [من الكامل]
فكأنّ مجلسه المحجّب محفل … وكأنّ خلوته الخفيّة مشهد
أن المكان لا يسمّى مجلسا إلّا وفيه قوم. ثم قال: «ألا ترى إلى قول مهلهل (?):
[من الكامل] واستبّ بعدك يا كليب المجلس