حيث تغرب الشمس، فالتقتا وفقا، وصار غرب تلك القديمة لهذه المتجددة شرقا.
ومدار هذا النوع في الغالب على التعجّب، وهو والي أمره، وصانع سحره، وصاحب سرّه، وتراه أبدا وقد أفضى بك إلى خلابة لم تكن عندك، وبرز لك في صورة ما حسبتها تظهر لك، ألا ترى أن صورة قوله: «شمس تظللني من الشمس»، غير صورة قوله: «وما عاينوا شمسين»، وإن اتّفق الشعران في أنهما يتعجّبان من وجود الشيء على خلاف ما يعقل ويعرف.
وهكذا قول المتنبي (?): [من الكامل]
كبّرت حول ديارهم لمّا بدت … منها الشّموس وليس فيها المشرق
له صورة غير صورة الأوّلين وكذا قوله (?): [من الطويل]
ولم أر قبلي من مشى البدر نحوه … ولا رجلا قامت تعانقه الأسد
يعرض صورة غير تلك الصّور كلها، والاشتراك بينها عامّيّ لا يدخل في السّرقة، إذ لا اتّفاق بأكثر من أن أثبت الشيء في جميع ذلك على خلاف ما يعرفه الناس. فأمّا إذا جئت إلى خصوص ما يخرج به عن المتعارف، فلا اتفاق ولا تناسب، لأن مكان الأعجوبة مرّة أن تظلل شمس من الشمس، وأخرى أن يرى للشمس مثل لا يطلع من الغرب عند طلوعها من الشرق، وثالثة أن ترى الشموس طالعة من ديارهم.
وعلى هذا الحد قوله: «ولم أر قبلي من مشى البدر نحوه»، العجب من أن يمشي البدر إلى آدميّ، وتعانق الأسد رجلا.
واعلم أن في هذا النوع مذهبا هو كأنه عكس مذهب التعجب ونقيضه، وهو لطيف جدّا. وذلك أن ينظر إلى خاصيّة ومعنى دقيق يكون في المشبّه به، ثم يثبّت تلك الخاصيّة وذلك المعنى للمشبّه، ويتوصّل بذلك إلى إيهام أن التشبيه قد خرج