ولم يلطف إلا لكثرة ما فيه من التفصيل، ولو قال: «كأنه متمطّ من نعاس» واقتصر عليه، كان قريب المتناول، لأن
الشّبه إلى هذا القدر يقع في نفس الرائي المصلوب، لكونه من حدّ الجملة. فأمّا بهذا الشرط وعلى هذا التقييد الذي يفيد به استدامة تلك الهيئة، فلا يحضر إلا مع سفر من الخاطر، وقوّة من التأمل، وذلك لحاجته أن ينظر إلى غير جهة فيقول: «هو كالمتمطّي»، ثم يقول: المتمطّي يمدّ ظهره ويديه مدّة، ثم يعود إلى حالته، فيزيد فيه أنه مواصل لذلك، ثم إذا أراد ذلك طلب علّته، وهي قيام اللّوثة والكسل في القائم من النعاس.
وهذا أصل فيما يزيد به التفصيل، وهو أن يثبت في الوصف أمر زائد على المعلوم المتعارف، ثم يطلب له علّة وسبب.
ويشبه التشبيه في البيت قول الآخر، وهو مذكور معه في الكتب: [من السريع]
لم أر صفّا مثل صفّ الزّطّ … تسعين منهم صلبوا في خطّ
من كلّ عال جذعه بالشطّ … كأنه في جذعه المشتطّ
أخو نعاس جدّ في التمطّي … قد خامر النوم ولم يغطّ (?)
فقوله: «جدّ في التمطي»، شرط يتمّ التشبيه، كما أن قوله: «مواصل» كذلك، إلّا أن في اشتراط المواصلة من الفائدة ما ليس في هذا، وذلك أنه يجوز أن يبالغ ويجتهد ويجدّ في تمطّيه، ثم يدع ذلك في الوقت، ويعود إلى الحالة التي يكون عليها في السلامة مما يدعو إلى التمدّد. وإذا كان كذلك، كان المستفاد من هذه العبارة صورة التمطّي وهيئته الخاصّة، وزيادة معنى، وهو بلوغ الصفة. غاية ما يمكن أن يكون عليها. وهذا كلّه مستفاد من الأوّل. ثم فيه زيادة أخرى، وهو أخصّ ما يقصد من صفة المصلوب، وهي الاستمرار على الهيئة والاستدامة لها. فأمّا قوله بعد: «قد خامر النوم ولم يغطّ»، هو وإن كان كأنه يحاول أن يرينا هذه الزيادة من