وتموّج الشعاع، وكونه في صورة حركات من جوانب الدائرة إلى وسطها. وهذه صفة لا تقوم في نفس الرائي المرآة الدائمة الاضطراب، إلّا أن يستأنف تأمّلا، وينظر متثبّتا في نظره متمهلا. فكأن هاهنا هيئتين كلتاهما من هيئات الحركة: إحداهما: حركة المرآة على الخصوص الذي يوجبه ارتعاش اليد والثانية: حركة الشعاع
واضطرابه الحادث من تلك الحركة، وإذا كان كون المرآة في يد الأشلّ مما يرى نادرا، ثم كانت هذه الصفة التي هي كائنة في الشّعاع، إنما ترى وتدرك في حال رؤية حركة المرآة بجهد وبعد استئناف إعمال للبصر، فقد بعدت عن حدّ ما تعتاد رؤيته مرّتين، ودخلت في النادر الذي لا تألفه العيون من جهتين، فاعرفه.
واعلم أنه كما تعتبر هيئة الحركة في التشبيه، فكذلك تعتبر هيئة السكون على الجملة وبحسب اختلافه، نحو هيئة المضطجع وهيئة الجالس ونحو ذلك. فإذا وقع في شيء من هيئات الجسم في سكونه تركيب وتفصيل، لطف التشبيه وحسن.
فمن ذلك قول ابن المعتزّ يصف سيلا (?): [من المتقارب]
فلما طغا ماؤه في البلاد … وغصّ فبه كلّ واد صدي
ترى الثور في متنه طافيا … كضجعة ذي التاج في المرقد
وكقول المتنبي في صفة الكلب: [من الرجز] يقعي جلوس البدويّ المصطلي (?) فقد اختصّ هيئة البدويّ المصطلي، في تشبيه هيئة سكون أعضاء الكلب ومواقعها فيها، ولم ينل التشبيه حظّا من الحسن، إلا بأنّ فيه تفصيلا من حيث كان لكل عضو من الكلب في إقعائه موقع خاصّ، وكان مجموع تلك الجهات في حكم أشكال مختلفة تؤلّف فتجيء منها صورة خاصّة.
ومن لطيف هذا الجنس قوله: في صفة المصلوب (?): [من البسيط]
كأنه عاشق قد مدّ صفحته … يوم الوداع إلى توديع مرتحل
أو قائم من نعاس فيه لوثته … مواصل لتمطّيه من الكسل