على أن يريك لمعانها في أثناء العجاجة كما فعل الآخران، وكان لهذه الزيادة التي زادها حظّ من الدقة تجعلها في حكم تفصيل بعد تفصيل.

وذلك أنّا وإن قلنا إن هذه الزيادة وهي إفادة هيئة السيوف في حركاتها إنما أتت في جملة لا تفصيل فيها، فإنّ حقيقة تلك الهيئة لا تقوم في النّفس إلا بالنظر إلى أكثر من جهة واحدة، وذلك أن تعلم أنّ لها في حال احتدام الحرب، واختلاف الأيدي بها في الضرب، اضطرابا شديدا، وحركات بسرعة. ثم إن لتلك الحركات جهات مختلفة،

وأحوالا تنقسم بين الاعوجاج والاستقامة والارتفاع والانخفاض، وأنّ السيوف باختلاف هذه الأمور تتلاقى وتتداخل، ويقع بعضها في بعض ويصدم بعضها بعضا، ثم أن أشكال السيوف مستطيلة. فقد نظم هذه الدّقائق كلها في نفسه، ثم أحضرك صورها بلفظة واحدة، ونبّه عليها بأحسن التنبيه وأكمله بكلمة، وهي قوله: «تهاوى»، لأن الكواكب إذا تهاوت اختلفت جهات حركاتها، وكان لها في تهاويها تواقع وتداخل. ثم إنها بالتهاوي تستطيل أشكالها، فأمّا إذا لم تزل عن أماكنها فهي على صورة الاستدارة.

ويشبه هذا الموضع في زيادة أحد التشبيهين مع أن جنسهما جنس واحد، وتركيبهما على حقيقة واحدة بأنّ في أحدهما فضل استقصاء ليس في الآخر، قول ابن المعتزّ في الآذريون (?): [من الطويل]

وطاف بها ساق أديب بمبزل … كخنجر عيّار صناعته الفتك

وحمّل آذريونة فوق أذنه … ككأس عقيق في قرارتها مسك

مع قوله (?): [من الرجز]

مداهن من ذهب … فيها بقايا غالية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015