ويقع في هذا الوجه من التفصيل لطائف، فمنها قول ابن المعتزّ (?): [من الرجز]
بطارح النظرة في كل أفق … ذي منسر أقنى إذا شكّ خرق
ومقلة تصدقه إذا رمق … كأنّها نرجسة بلا ورق
وقوله (?): [من المنسرح]
تكتب فيه أيدي المزاج لنا … ميمات سطر بغير تعريق
والثاني: أن تفصّل، بأن تنظر من المشبّه في أمور لتعتبرها محلها، وتطلبها فيما تشبّه به، وذلك كاعتبارك، في تشبيه الثريا بالعنقود، الأنجم أنفسها، والشكل منها واللون، وكونها مجتمعة على مقدار في القرب والبعد. فقد نظرت في هذه الأمور واحدا واحدا، وجعلتها بتأمّلك فصلا فصلا، ثم جمعتها في تشبيهك، وطلبت للهيئة الحاصلة
من عدّة أشخاص الأنجم، والأوصاف التي ذكرت لك من الشك واللون والتقارب على وجه مخصوص هيئة أخرى شبيهة بها، فأصبتها في العنقود المنور من الملّاحية ولم يقع لك وجه التشبيه بينهما إلا بأن فصّلت أيضا أجزاء العنقود بالنظر، وعلمت أنها خصل بيض، وأن فيها شكل استدارة النجم، ثم الشكل إلى الصغر ما هو، كما أن شكل أنجم الثريّا كذلك وأنّ هذه الخصل لا هي مجتمعة اجتماع النظام والتلاصق، ولا هي شديدة الافتراق، بل لها مقادير في التقارب والتباعد في نسبة قريبة مما تجده في رأى العين بين تلك الأنجم.
يدلّك على أن التشبيه موضوع على مجموع هذه الأوصاف، أنّا لو فرضنا في تلك الكواكب أن تفترق وتتباعد تباعدا أكثر مما هي عليه الآن، أو قدّر في العنقود أن ينتثر، لم يكن التشبيه بحاله وكذلك الحكم في تشبيه الثريّا باللّجام المفضّض، لأنك راعيت الهيئة الخاصة من وقوع تلك القطع والأطراف بين اتّصال وانفصال، وعلى الشكل الذي يوجبه موضوع اللجام، ولو فرضت أن تركّب مثلا على سنن واحد طولا في سير واحد مثلا ويلصق بعضها ببعض، بطل التشبيه.