ولا إلى تشبيه الشّقيق بأعلام ياقوت على رماح زبرجد، كقول الصّنوبريّ (?):
[من الكامل]
وكأنّ محمرّ الشقي … ق إذا تصوّب أو تصعّد
أعلام ياقوت نشر … ن على رماح من زبرجد
ولا إلى تشبيه النجوم طالعات في السماء مفترقات مؤتلفات في أديمها، وقد مازجت زرقة لونها بياض نورها، بدرّ منثور على بساط أزرق، كقول أبي طالب الرّقّي (?): [من الكامل]
وكأنّ أجرام النّجوم لوامعا … درر نثرن على بساط أزرق
ولا ما جرى في هذا السبيل، وكان من هذا القبيل. بل تعلم أن الذي سبقك إلى أشباه هذه التشبيهات لم يسبق إلى مدى قريب، بل أحرز غاية لا ينالها غير الجواد، وقرطس في هدف لا يصاب إلّا بعد الاحتفال والاجتهاد.
واعلم أنك إن أردت أن تبحث بحثا ثانيا حتى تعلم لم وجب أن يكون بعض الشّبه على الذكر أبدا، وبعضه كالغائب
عنه، وبعضه كالبعيد عن الحضرة لا ينال إلا بعد قطع مسافة إليه، وفضل تعطّف بالفكر عليه فإنّ هاهنا ضربين من العبرة يجب أن تضبطهما أوّلا، ثم ترجع في أمر التشبيه، فإنّك حينئذ تعلم السّبب في سرعة بعضه إلى الفكر، وإباء بعض أن يكون له ذلك الإسراع.
فإحدى العبرتين: أنّا نعلم أن الجملة أبدا أسبق إلى النفوس من التفصيل، وأنت تجد الرؤية نفسها لا تصل بالبديهة إلى التفصيل، لكنك ترى بالنّظر الأوّل الوصف على الجملة، ثم ترى التفصيل عند إعادة النظر، ولذلك قالوا: «النظرة الأولى حمقاء»، وقالوا: «لم ينعم النّظر ولم يستقص التأمّل». وهكذا الحكم في السمع وغيره من الحواس، فإنك تتبيّن من تفاصيل الصّوت بأن يعاد عليك حتى تسمعه مرّة