بيان ذلك: أنك كما ترى الشمس ويجري في خاطرك استدارتها ونورها، تقع في قلبك المرآة المجلوّة، ويتراءى لك الشّبه منها فيها.
وكذلك إذا نظرت إلى الوشي منشورا وتطلّبت لحسنه ونقشه واختلاف الأصباغ فيه شبها، حضرك ذكر الرّوض ممطورا مفتّرا عن أزهاره، متبسّما عن أنواره.
وكذلك إذا نظرت إلى السيف الصّقيل عند سلّه وبريق متنه، لم يتباعد عنك أن تذكر انعقاق البرق، وإن كان هذا أقلّ ظهورا من الأوّل، وعلى هذا القياس.
ولكنّك تعلم أن خاطرك لا يسرع إلى تشبيه الشّمس بالمرآة في كفّ الأشلّ، كقوله (?): [من الرجز] والشّمس كالمرآة في كفّ الأشل هذا الإسراع ولا قريبا منه.
ولا إلى تشبيه البرق بإصبع السّارق، كقول كشاجم (?): [من الرجز]
أرقت أم نمت لضوء بارق … مؤتلقا مثل الفؤاد الخافق
كأنّه إصبع كف السّارق وكقول ابن بابك (?): [من الطويل]
ونضنض في حضني سمائك بارق … له جذوة من زبرج اللّاذ لامعه
تعوّج في أعلى السحاب كأنّها … بنان يد من كلّة اللّاذ ضارعه
ولا إلى تشبيه البرق في انبساطه وانقباضه والتماعه وائتلافه، بانفتاح المصحف وانطباقه، فيما مضى من قول ابن المعتز (?): [من المديد]
وكأنّ البرق مصحف قار … فانطباقا مرّة وانفتاحا
ولا إلى تشبيه سطور الكتاب بأغصان الشوك في قوله (?): [من الوافر]
بشكل يأخذ الحرف المحلّى … كأن سطوره أغصان شوك