والبليد الذي لا يكون له خاطر ينتج فائدة ويخرج معنى وشبه من يخيب سعيه، ونحو ذلك ويعطيك من «القمر» الشهرة في الرجل والنباهة والعزّ والرفعة، ويعطيك الكمال عن النقصان، والنقصان بعد الكمال، كقولهم: «هلا نما فعاد بدرا»، يراد بلوغ النجل الكريم المبلغ الذي يشبه أصله من الفضل والعقل وسائر معاني الشرف، كما قال أبو تمام (?): [من الكامل]

لهفي على تلك الشواهد منهما … لو أمهلت حتى تصير شمائلا

لغدا سكونهما حجى، وصباهما … كرما، وتلك الأريحيّة نائلا

إنّ الهلال إذا رأيت نموّه … أيقنت أن سيصير بدرا كاملا

وعلى هذا المثل بعينه، يضرب مثلا في ارتفاع الرجل في الشرف والعزّ من طبقة إلى أعلى منها، كما قال البحتري (?): [من الكامل]

شرف تزيّد بالعراق إلى الذي … عهدوه بالبيضاء أو ببلنجرا

مثل الهلال بدا فلم يبرح به … صوغ اللّيالي فيه حتى أقمرا

ويعطيك شبه الإنسان في نشئه ونمائه إلى أن يبلغ حدّ التمام، ثم تراجعه إذا انقضت مدّة الشباب، كما قال (?): [من البسيط]

المرء مثل هلال حين تبصره … يبدو ضئيلا ضعيفا ثم يتّسق

يزداد حتّى إذا ما تمّ أعقبه … كرّ الجديدين نقصا ثم ينمحق

وكذلك يتفرّع من حالتي تمامه ونقصانه فروع لطيفة، فمن غريب ذلك قول ابن بابك (?): [من الكامل]

وأعرت شطر الملك ثوب كماله … والبدر في شطر المسافة يكمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015