بَنَي تَيْم بن مُرَّةَ إنّ ربّي ... كَفَاني أمْرَكم وكَفاكُمُوني
فَحَيُّوا ما بَداَ لكُمُ فإنِّي ... شديدُ الفَرْسِ للضَغِنِ الَحَرُونِ
يُعاني فَقْدَكُم أَسَدٌ مُدِلٌّ ... شديدُ الأسر يَضْبِثُ باليمينِ
لكان أعذرَ فيه، لأن المدح مدحٌ بالقوة والشدة، وعلى ذلك فإنّ اعتبار الأصل الذي قدّمتُ، وهو أنك لا ترى اليمين حيث لا معنى لليد، يقف بنا على الظاهر، كأنه قال إذا ضَبَث ضَبَثَ باليمين، ومما يبيِّن موضوعَ بيت الشمّاخ، إذا اعتبرتَ به، قولُ الخنساء:
إذَا القومُ مَدُّوا بأَيْديهمُ ... إلى المَجْد مَدَّ إليه يَدَا
فنالَ الذي فَوْق أَيْديهم ... من المجد ثم مَضى مُصعِدَا
إذا رجعت إلى نفسك، لم تجد فرقاً بين أن يمُدَّ إلى المجد يداً، وبين أن يتلقَّى رايته باليمين، وهذا إن أردت الحقَّ أبينُ من أن تحتاج فيه إلى فَضْلًِ قَوْلٍ، إلاّ أنّ هذا الضرب من الغلط، كالداء الدَّوِيّ، حقُّه أن يُستقصَى في الكيِّ عليه والعلاج منه، فجنايتَه على معاني ما شَرُف من الكلام عظيمة، وهو مادَّةٌ للمتكلفين في التأويلات البعيدة والأقوال الشَّنِيعة،