راحله تمراً وأتْحفه بغير ذلك، وإذا كان كذلك، كان المجدُ الذي تطاوَل له ومدَّ إليه يده، من المجد الذي أراده أبو تمام بقوله:
تَوَجَّعُ أَن رأَتْ جِسْمي نحيفاً ... كأنَّ المَجْدَ يُدرَكُ بالصِّراعِ
ولو كان في ذكرالبأس والبطش وحيث تراد القوة والشدة، لكان حَمْلُ اليمين على صريح القُوّة أشبه، وبأن يقع منه في القلب معنىً يتماسَكُ أجدر، فإن قال أراد تلقّاها بجدّ وقوّةِ رغبةٍ، قيل فينبغي أن يضع اليمين في مثل هذه المواضع، ومن التزم ذَلك فالسكوت عنه أحسن، وما زال الناسُ يقولون للرجل إذا أرادوا حثَّه على الأمر، وأَن يأخذ فيه بالجِدّ أخرج يدك اليُمْنَى وذاك أنها أشرف اليدين وأقواهما، والتي لا غناء للأخرى دونها، فلا عُني إنسان بشيء إلا بدأ بيمينه فهيّأها لنَيْله، ومتى ما قصدوا جعل الشيء في جهة العناية، جعلوه في اليد اليمنى، وعلى ذلك قول البحتري:
وإنَّ يدي وَقَد أسْنَدتَ أمري ... إليه اليومَ في يَدِك اليمينِ
إليه يعني إلى يونس بن بُغا، وكان حَظِيّاً عند الممدوح، وهو المعتز باللهَ، ولو أن قائلاً قَال:
إذَا ما رايةٌ رُفعت لمَجدٍ ... ومَكْرُمةٍ مددتُ لها اليَمِينا
لم تره عادلاً باليمين عن الموضع الذي وَضَعها الشمّاخ فيه، ولو أن هذا التأويل منهم كان في قول سُلَيْمان بن قَتّة العَدَوِيّ: