فممّا يدخل في هذا الفنّ ويجب أنْ يُوازَن بينه وبين ما مضى، قولُ سعيد بن حميد:
وَعدَ البَدْرُ بالزيارة لَيْلاً ... فإذَا مَا وَفَى قَضَيْتُ نُذُوري
قلتُ يا سيّدي ولِمْ تُؤثِر اللي ... لَ على بَهْجة النهار المُنيرِ
قال لي لا أحِبُّ تغيير رَسْمي ... هكذا الرَّسْمُ في طلوع البُدورِ
قالوا: وله في ضدّه:
قلتُ زُوري فأرسلت ... أَنا آتيك سُحرَهْ
قلتُ فالليل كان أخْ ... فَى وأَدنَى مسَرَّهْ
فأجابت بحُجَّةٍ ... زَادت القلبَ حَسْرهْ
أَنا شمسٌ وإنما ... تَطْلُع الشَّمسُ بُكْرَهْ
وينبغي أن تعلم أنَّ هذه القطعة ضدُّ الأولى، من حيث اختار النهارَ وقتاً للزيارة في تلك، والليل في هذه، فأمّا من حيث يختلف جوهر الشعر ويتَّفق، وخصوصاً من حيث نَنْظر الآن، فمثلٌ وشبيهٌ، وليس بضدٍّ ولا نقيض. ثم اعلم أنّا إن وازنَّا بين هاتين القطعتين وبين ما تقدَّم من بيت العباس: هي الشمس مسكنها في السماء، وما هو في صورته، وجدنا أمراً بَيْن أمرين بين ادّعاء البدر والشمس أنْفُسهما، وبين إثبات بدر ثانٍ وشمسٍ ثانية، ورأينا الشعر قد شاب في ذلك الإنكارَ بالاعتراف،