تراه في أكثر الأحوال التي تُنقَل فيها محتملاً مُتَكَفِّئاً بين أن يكون للأصل، وبين أن يكون للفرع الذي من شأنه أن يُنقَل إليه، فإذا قلتَ: رأيت أسداً، صَلَحَ هذا الكلام لأن تريد به أنك رأيتَ واحداً من جنس السَّبُعِ المعلوم، وجاز أن تريد أنك رأيتَ شجاعاً باسلاً شديد الجُرأة، وإنما يَفْصِل لك أحدَ الغَرَضين من الآخر شاهدُ الحال، وما يتَّصل به من الكلام من قبل وبعد. وإن كان فعلاً أو صفةً، كان فيهما هذا الاحتمال في بعض الأحوال، وذلك إذا أسندتَ الفعلَ وأجريتَ الصفة على اسم مُبهَم يقعُ على ما يكون أصلاً في تلك الصفة وذاك الفعل، وما يكون فرعاً فيهما، نحو أن تقول: أنار لي شيءٌ وهذا شيءٌ مُنِير، فهذا الكلام يحتمل أن يكون أنار ومُنِير فيه واقعَين على الحقيقة، بأن تعني بالشيء بعضَ الأجسام ذوات النور وأن يكونَا واقعَين على المجاز، بأن تريد بالشيء نوعاً من العلم والرأي وما أشبه ذلك من المعاني التي لا يَصِحُّ وجود النور فيها حقيقةً، وإنما توصف به على سبيل التشبيه. وفي الفعل والصفة شيء آخرُ، وهو أنك كأنك تدَّعي معنى اللَّفظ المستعار للمستعار له، فإذا قلتَ: قد أنارت حُجَّتُه، وهذه حجَّةٌ منيرة، فقد ادّعيتَ للحُجَّة النور، ولذلك تجيء فتُضيفه إليك، كما تضاف المعاني التي يُشتقّ منها الفعلُ والصفةُ إلى الفاعل والموصوف فتقول: نُورُ هذه الحجّة جَلاَ بَصَرِي، وشرح صَدْرِي، كما تقول: ظهر نُورُ الشمس، والمثل لا يوجب شيئاً من هذه الأحكام، فلا هو يقتضي تردُّدَ اللفظ بين احتمال شيئينِ ولا أن يُدَّعى معناه للشيء، ولكنه يدَعُ اللفظَ مستقرّاً على أصله. وإذ قد ثبت هذا الأصل، فاعلم أن هاهنا أصلاً آخر يُبنَى عليه، وهو أن الاستعارة وإن كانت تعتمد التشبيه والتمثيلَ وكان التشبيهُ يقتضي شيئين مشبَّهاً ومشبَّهاً به، وكذلك التمثيل، لأنه كما عرفت تشبيهٌ إلا أنه عقليٌّ فإن الاستعارة من شأنها أن تُسقِطَ ذكرَ المشبَّه من البَيْنِ وتطرحه، وتدَّعَي له الاسمَ الموضوعَ للمشبَّه به، كما مضى من قولك: رأيت أسداً، تريد رجلاً شجاعاً ووردتُ بحراً زاخراً، تريد رجلاً كثير الجُود فائضَ الكفّ وأبديتُ نوراً، تريد علماً وما شاكل ذلك، فاسم الَّذِي هو المشبَّه غير مذكورٍ بوجه من الوجوه كما ترى، وقد نقلتَ الحديثَ إلى اسم المشبَّه به، لقَصْدك أن تبالغ، فتضع اللَّفظ بحيث يُخيّل أنَّ معك نَفْس الأسد والبحر والنور، كي تُقوِّي أمر المشابهة وتشدّده، ويكون لها هذا الصنيع حيث يقع الاسم المستعار فاعلاً أو مفعولاً أو مجروراً بحرف الجرّ أو مضافاً إليه، فالفاعل كقولك: بدا لي أسدٌ وانبرى لي لَيْثٌ وبدا نُورٌ وظهرت شمسٌ ساطعة وفاض لي بالمواهبِ بحرٌ، كقوله: َ جنسٍ فإنك تراه في أكثر الأحوال التي تُنقَل فيها محتملاً مُتَكَفِّئاً بين أن يكون للأصل، وبين أن يكون للفرع الذي من شأنه أن يُنقَل إليه، فإذا قلتَ: رأيت أسداً، صَلَحَ هذا الكلام لأن تريد به أنك رأيتَ واحداً من جنس السَّبُعِ المعلوم، وجاز أن تريد أنك رأيتَ شجاعاً باسلاً شديد الجُرأة، وإنما يَفْصِل لك أحدَ الغَرَضين من الآخر شاهدُ الحال، وما يتَّصل به من الكلام من قبل وبعد. وإن كان فعلاً أو صفةً، كان فيهما هذا الاحتمال في بعض الأحوال، وذلك إذا أسندتَ الفعلَ وأجريتَ الصفة على اسم مُبهَم يقعُ على ما يكون أصلاً في تلك الصفة وذاك الفعل، وما يكون فرعاً فيهما، نحو أن تقول: أنار لي شيءٌ وهذا شيءٌ مُنِير، فهذا الكلام يحتمل أن يكون أنار ومُنِير فيه واقعَين على الحقيقة، بأن تعني بالشيء بعضَ الأجسام ذوات النور وأن يكونَا واقعَين على المجاز، بأن تريد بالشيء نوعاً من العلم والرأي وما أشبه ذلك من المعاني التي لا يَصِحُّ وجود النور فيها حقيقةً، وإنما توصف به على سبيل التشبيه. وفي الفعل والصفة شيء آخرُ، وهو أنك كأنك تدَّعي معنى اللَّفظ المستعار للمستعار له، فإذا قلتَ: قد أنارت حُجَّتُه، وهذه حجَّةٌ منيرة، فقد ادّعيتَ للحُجَّة النور، ولذلك تجيء فتُضيفه إليك، كما تضاف المعاني التي يُشتقّ منها الفعلُ والصفةُ إلى الفاعل والموصوف فتقول: نُورُ هذه الحجّة جَلاَ بَصَرِي، وشرح صَدْرِي، كما تقول: ظهر نُورُ الشمس، والمثل لا يوجب شيئاً من هذه الأحكام، فلا هو يقتضي تردُّدَ اللفظ بين احتمال شيئينِ ولا أن يُدَّعى معناه للشيء، ولكنه يدَعُ اللفظَ مستقرّاً على أصله.