وأعطى بيديه، وأيَّهما تجده أدلَّ على ذكاء مَنْ تسمعه منه، وأرجَى لِتخرُّج مَنْ يقوله، وذلك أن تقابل بين تشبيه النُّّجوم بالمصابيح والمصابيح بها، وبين تشبيه سَلِّ السيوف بعقائق البرق وتشبيهها بسلّ السيوف، فإنك تعلم أن الأوّل يقع في نفس الصبِّ أوّل ما يُحسّ بنفسه، وأن الثاني لا يجُيب إجابته، ولا يَبْذُل طاعته وكذلك تعلم أنّ تشبيه الثريا بنَوْر العنقود لا يكون في قُرْب تشبيهها بتفتّح النَّور وأنّ تشبيه الشمس بالمرآة المجلوَّة كما مضى، يقع في نفس الغِرِّ العاميّ والصبيّ، ولا يقع تشبيهها بالمرآة في كفّ الأشلّ إلا في قلب المميّز الحصيف وتشبيهُها في حركتها تلك بمرآةٍ تضطربُ على الجملة، من غير أن تُجعَل في كفّ الأشلّ، قد يقع لمن لا يقع له بهذا التقييد، وذلك لِما مضى من حاجته إلى الفكرة في حال الشمس، وأنّ حركتها دائمةٌ متصلة، ثم طَلبِ متحرّكٍ حركةً غيرَ اختيارية، وجعلِ حركةِ المرآة صادرةً عن تلك الحركة ومأسورةً في حكمها دَائماً. وإنما اشترطتُ عليك هذا الشرط لأنه لا يمتنع أن يسبق الأوّل إلى تشبيه لطيفُ بحسن تأمّله وحِدّة خاطره، ثم يَشيع ويتَّسع، ويُذكَر ويُشْهَر حتى يخرج إلى حد المبتذَل، وإلى المشترَك في أصله، وحتى يجري مع دقة تفصيل فيه مجرى المجمل الذي تقوله الوليدة الصغيرة والعجوزة الوَرْهاء، فإنك تعلم أن قولنا لا يُشَقُّ غُباره الآنَ في الابتذال كقولنا لا يُلْحَق ولا يُدرَك، وهو كالبرق ونحو ذلك، إلاّ أنّا إذا رجعنا إلى أنفسنا علمنا أنه