وقد قال النووي في تعليقه على حديث رسول الله السابق: قال العلماء: إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره مسجداً خوفاً من المبالغة في تعظيمه، والافتتان به، فربما أدى ذلك إلى الكفر كما جرى لكثير من الأمم الخالية ولما احتاجت الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كثر المسلمون وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه ومنها حجرة عائشة رضي الله عنها، مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، بنوا على القبر حيطاناً مستديرة حوله لئلا يظهر في المسجد، فيصلي إليه العوام ويؤدي إلى المحذور، ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر، ولهذا قال في الحديث. ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشى أن يتخذ مسجداً. والله أعلم بالصواب (?)، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسوية القبور المشرفة مع قرن ذلك بطمس التماثيل، فعن أبي الهيّاج الأسدي ـ رحمه الله ـ قال: قال لي على بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سوّيته (?). فهذا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يبعث رئيس شرطته أبا الهياج الأسدي لطمس القبور كما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أنه يطبق ما عرفه وفهمه من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك (?). وقد صرّح العلماء بخلوّ القرون المفضلة من وجود المشاهد قال ابن تيمية وهو يتكلم عن مشهد رأس الحسين رضي الله عنه: ...