نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عن البناء على القبور وتعظيمها بأي نوع من أنواع التعظيم، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا يفعل ذلك إلا شرار الخلق عند الله تعالى، فعن جندب بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: ... ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك (?)، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه ويبنى عليه (?). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد. (?) ففي هذه الأحاديث التي مرت النهي الصريح عن أي نوع من أنواع التعظيم للقبور ومن ذلك، النهي عن اتخاذها مساجد، والنهي عن مجرد البناء عليها، وعن تجصيصها، والكتابة عليها، وقد توجه النهي أول ما توجه إلى قبور الأنبياء والصالحين، لماذا؟ لأنها هي التي يخشى الغلو في أربابها عكس قبور سائر الناس، والفتنة لها أعظم من غيرها. وهذا هو الواقع المشاهد فإنه ما من مشهد إلا ويزعم أنه بني على ولي صالح، ذي مناقب وكرامات عظيمة يرجى نفعه ويخاف انتقامه، أو يزعم أنه على نبي من أنبياء الله كما ظهر ذلك تخميناً في أماكن كثيرة من بلاد الله، ولكثير من الأنبياء مع تصريح العلماء أنه لا يُعلم على التحقيق واليقين إلا قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وزاد بعضهم قبر الخليل عليه في الموضع المشهور باسمه في فلسطين (?).