تطور الاستشراق:

وفي مطلع القرن الثالث عشر الهجري -أواخر القرن الثامن عشر الميلادي- عمد المستشرقون إلى تغيير أساليبهم, وأرادوا أن يظهروا بمظهر جديد, هوما زعموا من تحرير الاستشراق من الأغراض التبشيرية، والاتجاه به وجهة البحث العلميّ البحت, فأنشئت كليات لتدريس اللغات الشرقية في عواصم أوربا؛ مثل: لندن وباريس وليدن وبرلين وبطرسبرج وغيرها، وظهرت فيها أقسام خاصة لدراسة اللغة العربية, وبعض اللغات الإسلامية؛ كالفارسية والتركية والأردية, وكان الغرض منها تزويد السلطات الاستعمارية بخبراء في الشئون الإسلامية، ثم أخذ الطلاب المسلمون يؤمون هذه الكليات الأوربية للدراسة فيها، وبذلك تأثر الفكر الإسلاميّ بما يلقيه المستشرقون في أذهان هؤلاء المبعوثين من أبناء المسلمين, ثم تسلل المستشرقون إلى الدوائر العلمية, والجامعات في الدول الإسلامية، بل إلى المجامع العلمية في القاهرة ودمشق وبغداد، وقامت المؤسسات الدينية والسياسية والاقتصادية في الغرب بما كان يقوم به الملوك في الماضي؛ من الأغداق على المستشرقين، وتقديم المنح والمعونات لهم.

وقد أنشأت الدول الاستعمارية عدة مؤسسات في البلاد الإسلامية التي خضعت لنفوذها, لخدمة الاستشراق ظاهريًّا، وكان هدفها الحقيقيّ خدمة الاستعمار والتبشير الكاثوليكيّ والبورتستانتي، من هذه المؤسسات في مصر: المعهد الشرقي بدير الدومينيكان، والمعهد الفرنسي، وندوة الكتاب، ودار السلام، والجامعة الأمريكية، وفي لبنان: جامعة القديس يوسف -وهي جامعة بابوية كاثوليكية, وتعرف الآن بالجامعة اليسوعية, والجامعة الأمريكية ببيروت، وكانت تسمى من قبل: الكلية السورية الإنجيلية, وهي بروتستنتية، وفي سورية: مدارس اللاييك، والفرير، ودار السلام، وغيرها, وهكذا في كل الأقطار الإسلامية..

أهداف المستشرقين:

أولًا: الحيلولة بين الشعوب النصرانية وبين الإسلام، فقد عمل المستشرقون على تشويه الإسلام وحجب محاسنه؛ لاقناع قومهم بعدم صلاحيته لهم نظام حياة، ولعل هذا هو أخطر الجوانب التي قام لأجلها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015