الاستشراق والتبشير, وذلك في أعقاب الحروب الصليبية, وعودة المحاربين إلى أوربا، يحملون صورة مشرقة لمعاملات المسلمين لهم, وسماحة الإسلام، وقد عمد رجال الكنيسة إلى إخراس الألسنة المنصفة، وحاولوا ترجمة القرآن لتزييف مفاهيمه وانتقاصها.

وقد استغل الاستشراق كراهية الأوربيين للإسلام بعد التوسع العثمانيّ في أوربا, وما صحبه من تعصب وحروب استمرت عدة قرون، فعمل المستشرقون على تعميق الكراهية والأحقاد في نفوس الأوربيين, وتغذيتها بالشبهات والأباطيل, بهدف حجب الإسلام عن أوربا, والحيلولة دون نفاذه إليها.

ثانيًا: تأييد الغزو الاستعماريّ لبلاد المسلمين, والعمل لتحطيم المقاومة الإسلامية، بتأويل الجهاد, وصرف أنظار المسلمين إلى الدعة, والقعود عن الجهاد في سبيل الله, ومدافعة الغزاة بالاشتغال بالعبادة والزهد, وتسميتها بالجهاد الأكبر, وتحطيم وحدة المسلمين, وتمزيق الدول الإسلامية، وعزل الشريعة الإسلامية عن التطبيق في المجتمع الإسلاميّ, وإحلال الأنظمة القانونية والاقتصادية والسياسية والتربوية لتحلَّ محلَّ الإسلام بالقوة.

ثالثًا: فصل المسلمين عن جذورهم الثابتة الأصيلة، بتشويه تلك الأصول، وعزلها عن مصادرها، وهدم المقوّمات الأساسية للكيان الفرديّ والاجتماعيّ والنفسيّ, أمام الاستعمار وثقافته وفكره، والتأثير في نفوس المسلمين, وزحزحة عقائدهم بما يفتح للتبشير المسيحيّ طريقًا إلى تحويل بعض ضعاف العقيدة إلى ملاحدة وأتباع1.

والخلاصة: فقد كان المستشرقون طلائع للمبشرين, يمهدون السبيل أمامهم؛ لتشكيك المسلمين في عقائدهم، ويفتحون أمام دعاة النصرانية السبيل للطعن في الإسلام ونبيه -صلى الله عليه وسلم- بأنواعٍ شتَّى من الشعوذة العلمية, باسم البحث والاستنتاج التحليليّ.

تلاميذ المستشرقين:

وتبدو خطورة الاستشراق في آثاره الخطيرة التي يفرضها المستشرقون على مناهج التعليم والثقافة والفكر في العالم الإسلاميّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015