بزمام حكمه، ويقيموا دولةً عالميةً تضم أطراف الدنيا, يكون قوامها من طبقتين:
اليهود: الشعب المختار, يتربعون على عرش السيادة, وفي يدهم صولجان الحكم، ومن دونهم من الناس قاطبةً عبيد لليهود يخضعون لحكمهم..
تلك هي الصهيونية, الداء الوبيل الذي يهدد العالم ويقض مضاجعه، وليست الصهيونية فكرةً حديثةً, وإن لم تتكشف سماتها وتتضح للعالم إلّا في القرن الماضي, تحت اسم: اليهودية العالمية، بل هي عقيدةٌ قديمةٌ, ما برحت تجول في أفكار اليهود منذ العصور اليهودية الباكرة، ويتناقلونها جيلًا بعد جيلٍ, في كتمانٍ شديدٍ، خورًا وقصورًا وتحينًا للفرص، ويعملون لها مصابرين مستوفزين، لا يفتأ أحبارهم وكهتهم يذكون جذوتها آنًا فآنًا، فلا تخبو بين جوانحهم ولا تفتر.
وفي مطلع هذا القرن الرابع عشر الهجريّ -أواخر القرن التاسع عشر الميلاديّ- واتتهم الفرصة، فدعا "هرتزل" لعقد المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897-1315هـ, بمدينة بال بسويسرا, وكانت مقرراته هي الدستور العمليّ لهذه المرحلة من الآمال الصهيونية، ثم حدد هرتزل في كتابه "الدولة اليهودية" فلسطين باعتبارها أرض الميعاد، وقد عمل الصهيونيون على تحقيق حلمهم في خطوات ومراحل زمنية, يتم من خلالها استيعاب أطراف أرض الميعاد التي تشمل المناطق الممتدة من النيل إلى الفرات، وتضم إقليم الوجه البحريّ من مصر, وسيناء, وفلسطين, وشطر العراق الغربيّ, وسوريا, ولبنان, وبادية الشام, والأردن, وشمال الحجاز حتى المدينة المنورة.
وفي عام 1367هـ-1948م, أعلن اليهود -بالتواطؤ مع الدول الكبرى- قيام دولة إسرائيل، وقال بن غوريون حين ذاك: "إن الصهيونية قد حققت هدفها في 14مايو سنة 1948 ببناء دولة يهودية أكبر مما كان متفقًا عليه, وبفضل قوات "الهاجاناه", وليست هذه نهاية كفاحنا، بل إننا اليوم قد بدأنا، وعلينا أن نمضي لتحقيق قيام الدولة التي جاهدنا في سبيلها من النيل إلى الفرات" ويعني بن غوريين أن الدولة إسرائيل قامت على مساحاة أكبر مما منحتها مشروعات التقسيم لفلطسين بين العرب واليهود.
وقد استمرت إسرائيل في الإعداد لتحقيق توسعها, واستغلت انشغال الدولة العربية عنها حتى تمكنت من احتلال سيناء والجولان وجميع أراضي فلسطين.