لا جرم أن الصهيونية أخطر المذاهب الدينية والسياسية التي منيت بها البشرية، بما تفرض من قهرٍ سياسيٍّ، وقسر فكريٍّ، وتمايز عنصريٍّ، واحتكار للقوى المادية والفكرية على مستوى البسيطة، وبما تنزغ بين البشر أبدًا بالشحناء والبغضاء، تنزع بهم كل منزع في الإحن والكيد والملاحاة، وترين على الكون غاشيات مدلهمة تنبهم في قتامها معالم الإنسانية، وتستغشي القيم الأخلاقية التي تواضعت عليها الديانات السماوية، والمذاهب الفكرية، والفطرة البشرية على السواء. فهي ليست قاصرةً على افتعال دولةٍ يهوديةٍ في فلسطين كافة، وإنما هي تستدف سيادة الدنيا بأقطارها قاطبة, واسترقاق شعوبها كافةً, وإخضاعها لنير اليهود والشرائع اليهودية.
فالصهيونية في جوهرها ومناطها: عقيدة دينية متطرفة، يذعن لها أشياعها، يسوقهم التعصب والغرور العنصريّ قسرًا، بلا وعيٍ ولا إرادةٍ، وأساسها -في زعمهم- تعاليم التوراة التي تنص على أن الله -سبحانه وتعالى- قد وعد اليهود بملك عالميٍّ أبدىٍّ, واستخلفهم في الأرض خالصةً لهم من دون الناس.
وطريقهم إلى تحقيق السيطرة على العالم مخوفة منكرة، كما رسمتها مناهجهم العملية في بروتوكولات صهيون، فهي تعتمد أساسًا على تقويض أركان المجتمع العالميّ، وبَثِّ عناصر الانحلال تعبث في خلاله, وتستشري في أوصاله، وإشاعة الفوضى الاجتماعية والفكرية الغامرة، حتى إذا تداعت قيمه، وفقد مقوماته، فتهاوى خائرًا مستسلمًا في خواء فكريٍّ وفراغٍ سياسيٍّ.
انبعث اليهود من غمار الفوضى التي يتردى فيها العالم ليمسكوا