القرآن, إنما يضيق اهتمامات معتنقيه, ويحددها لكي يثبت الجهل, ولا بد أن نضع الإسلام من ناحية, والعلم والحضارة من ناحية أخرى؛ كطرفي نقيض؛ إذ أن العلم والحضارة وحدهما هما الكفيلان بحق تبلبية رغبات السوفيت في المعرفة.
وليس من قبيل المصادفة تلك النتائج الإيجابية التي حققتها أحاديث الملحد قادر بيرنييسوف, وهو من كولخوز كيزيل يولدوز, في جمهورية تركمانيا مع المتدينين, لقد استطاع أن يستخدم إنجازات العلم في تفنيد التصورات الدينية, أما الملحد رحمن خوجا ميردييف -وهو مدير مدرسة كيرفا, في جمهورية أوزبكستان, فقد سمع مرةً أحد عمال الكولخوز, واسمه رسول جمعاييف- يقول في حوار معه: "لا قدر الله علينا بنزول البرد, وهكذا تبين مدير المدرسة أن المتحدث إليه رجل مؤمن, أدرك هذا ولكنه لم يعر الأمر اهتمامًا, وأجرى الحديث معه لا عن الله, بل عن ظواهر الطبيعة, وعن ماهية المطر والبرد, وكان يتكلم بطريقةٍ مشوقةٍ جذبت انتباه عامل المزرعة, فأخذ هذا يرجو أن يزوره ضيفًا, وشرع الملحد يزور عائلة جمعاييف، وكان يبرهن للعائلة باستعمال أمثلةٍ من الحياة بسيطةٍ سهلة الفهم, على عدم وجود قوة ما فوق الطبيعة تمنح الإنسان خيرات الحياة, وأن الإنسان نفسه هو خالق سعادته, وهكذا قطع "رسول" علائقه بالدين, وقد أجرى ب. خوجا ميردييف أحاديث مع أحد المشايخ, واسمه "تور" كانا يتقابلان عشرات المرات, وفي هذه اللقاءات كان يحدثه عن سفن الفضاء, كما كان يحدثه عن المجتمع الشيوعيّ, ثم إن الملحد أطلعه على الجوهر الطبقيّ للإسلام, وفي مصلحة مَنْ كانت عقيدة القضاء والقدر, وهنا أعلن الشيخ "تور" في اجتماعٍ عامٍّ لعمال الكولخوز أنه لا يريد بعد الآن أن يعيش هذه الحياة الطفيلية, وأنه بالرغم من كبر سنه, يود أن يعمل في الكولخوز.
وهكذا تعمل الماركسية ضد الدين في روسيا وفي خارج روسيا, وإن زعمت غير ذلك.