وأيدي الندى تخرق جيوب الكمام ... وتحمل نسيم المسك عنها رياح
وعاج الضياء يطلى بمسك الغمام ... وجر النسيم ذيلو عليها وفاح
رأيت الحمام بين الورق في القضيب ... قد ابتلت ارياشو بقطر الندى
ينوح مثل ذاك المستهام الغريب ... قد ألتف من ثوبو الجديد ردا
ولكن بفاح أحمر وساق خصيب ... ينظم سلوك جوهر ويتقلدا
جلس بين الأغصان جلسة مستهام ... جناحا توسد والتوى في جناح
وصار يشتكي ما في الفؤاد من غرام ... منها ضم منقارو لصدرو وصاح
فقلت أحمام أحرمت عيني الهجوع ... أدى ما تزال تبكي بدمع سفوح
قال لي بكيت حتى صفت لي الدموع ... بلا دمع نبقى طول حياتي ننوح
على فرخ طار لي لم يكن لو رجوع ... ألفت البكا والحزن من عهد نوح
كذال هو الوفا كذا هو الذمام ... انظر للجفون صارت بحال الجراح
وانتم من بكى منكم إذا تم عام ... يقول قد عياني ذا البكا والنواح
فقلت أحمام لو خضت بحر الضنى ... كان تبكي وترثي لي بدمع هتون
ولو كان بقلبي ما بقي أنا ... رماد كان يصير تحتك فروع الغصون
اليوم لي نقاسي الهجر كم من سنا ... حتى لا سبيل جملة تراني العيون
ومما كسا جسمي النحول والسقم ... أخافني نحولي عن عيون اللواح