ثم ذكر أبن خلدون جملة من هذا الزجل وقال بعد ذلك: وهذه الطريقة الزجلية لهذا العهد هي فن العامة بالأندلس من الشعر وفيها نظمهم حتى إنهم لينظمون بها في سائر البحور الخمسة عشر لكن بلغتهم العمامية ويسمونه الشعر الزجلي. إلى أن قال: وكان من المجيدين في هذه الطريقة لأول هذه المئة الأديب أبو عبد الله اللوشي وله من قصيدة يمدح فيها السلطان أبن الأحمر:

طل الصباح قم يا نديم نشربو ... ونظحكو من بعد ما نطربو

ثم سردها أبن خلدون وهي طويلة جدا.

ثم قال: ثم استحدث أهل الأمصار بالمغرب فنا آخر من الشعر في أعاريض مزدوجة كالموشح نظموا فيه بلغتهم الحضرية أيضاً وسموه عروض البلد وكان أول من استحدثه بينهم رجل من أهل الأندلس نزل بفاس يعرف بابن عمير فنظم قطعة على طريقة الموشح ولم يخرج فيها عن مذهب الإعراب إلاّ قليلا مطلعها:

أبكاني بشاطي النهر نوح الحمام ... على الغصن في البستان قريب الصباح

وكف السحر تمحو مداد الظلام ... وماء الندى يجري بثغر الأقاح

باكرت الرياض والطل فيه افتراق ... سر الجوهر في نحور الجوار

ودمع النواعر ينهرق انهراق ... يحاكي ثعابين حلقت بالثمار

لووا بالغصون خلخال على كل ساق ... ودار الجميع بالروض دور السوار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015