حرمتكم على من لديها؛ لا تشوبوا لها عذب المجاج بالأجاج، وتفطموها عما عودت من طيب المزاج؛ فما لدائها وحياة قربكم غير طبكم من علاج؛ وإني ليخطر بخاطري محبة فيكم وعناية بما يعنيكم ما نال جانبكم صانه الله بهذا الوطن من الجفاء، ثم أذكر ما نالكم من حسن العهد وكرم الوفاء؛ وأنَّ الوطن إحدى الحواضن الأظآر، التي يحق لها جميل الاحتفاء، وما يتعلق بكم من حرمة أولياء القرابة وأوداء الصفاء؛ فيغلب على ظني أنكم لحسن العهد أنجح، وبحق نفسكم عن حق أوليائكم أسمح، والتي هي أعظم قيمة من فضائلكم أوهب وأسجح. وهب أنَّ الدر لا يحتاج في الإثبات، إلى شهادة النحور والبات؛ والياقوت غنى المكان، عن مظاهرة القلادة والتيجان، أليس أنّه أعلى للعيان، وابعد عن مكابرة البرهان، تألقها في تاج الملك انوشروان؛ فالشمس وإنَّ كانت أم الأنوار، وجلاء الأبصار، مهما أغمى مكنها من الأفق قيل: أليل هو أم نهار؛ وكما في علمكم ما فارق ذوو الأرحام، وأولو الأحلام؛ موطن استقرارهم، وأماكن قرارهم، إلاّ برغمهم واضطرارهم، واستبدال دار خير من دارهم؛ ومتى توازن الأندلس بالمغرب، أو يعوض عنها إلاّ بمكة أو يثرب؟ ما تحت أديمها أشلاء أولياء وعباد، وما فوقه مرابط جهاد، ومعاقد ألوية في سبيل الله ومضارب أوتاد؛ ثم يبوى ولده مبوأ أجداده، ويجمع له بين طارفه وتلاده، أعيذ أنظاركم المسددة من رأى فائل، وسعى طويل لم يحل منه بطائل، فحسبكم من هـ الإياب السعيد، والعود الحميد " وهي طويلة. قال ابن الخطيب: فأجبته بقولي:

لم في الهوى العذري أو لا تلم ... فالعذل لا يدخل أسماعي

شأنك تعنيفي وشأني الهوى ... كل الهوى في شأنه ساعي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015