" وإلى هذا سيدي ومحل تعظيمي وإجلالي، أمتع الله تعالى بطول بقائكم، وضاعف في العز درجات ارتقائكم، فانه من الأمر الذي لم يغب عن رأى العقول، ولا أختلف فيه أرباب العقول؛ أنكم بهذه الجزيرة شمس أفقها، وتاج مفرقها؛ ووساطة سلكها، وطراز ملكها؛ وقلادة نحرها، وفريدة درها، وعقد جيدها المنصوص، وكمال زينها على العموم والمخصوص؛ ثم انتم مدار أفلاكها، وسر سياسة أملاكها؛ وترجمان بيانها، ولسان إحسانها، وطيب مارستانها، والذي عليه إدارتها، وبه قوام إمارتها؛ فلديه يحل المشاكل، وإليه يلتجأ في الأمر المعضل، فلا غر وأنَّ تقيد بكم الأسماع والأبصار، وتحدق نحوكم الأذهان والأفكار؛ ويزجر عنكم السانح والبارح؛ ويستنبأ ما تطرف عنه العين وتخلج الجوارح؛ واستقراء لمرامكم، واستطلاع لطالع أعتزامكم، واستكشاف عن مرامي سهامكم؛ لا سيما مع إقامتكم على جناح خفوق، وظهوركم في ملتمع بروق، واضطراب الظنون فيكم مع الغروب والشروق؛ حتى تستقر بكم الديار، ويلقى التسيار، ولها العذر في ذلك إذ صدعها بفراقكم لم يندمل، وسرورها بلقائكم لم يكتمل؛ فلم يبر بعد جناحها المهيض، ولا جم ماؤها المغيض، ولا تميزت من داجيها لياليها البيض؛ ولا استوى نهارها، ولا تألقت أنوارها؛ ولا اشتملت نعماؤه؛ ونسيت غماؤها؛ بل هي كالناقة، والحديث العهد بالمكاره، تستشعر نفس العافية، وتتمسح منكم باليد الشافيه؛ فبحناكم عليها، وعظيم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015