وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله تعالى في الأنوار الكاشفة1 في الرد على أبي رية:
أما الوجه الثالث فالآثار القائلة إن ابتداء الخلق يوم الأحد ما كان منها مرفوعا فهو أضعف من هذا الحديث بكثير- أي حديث أبى هريرة الذي أنا بصدد الكلام حوله والذي أخرجه مسلم وغيره- وأما غير المرفوع فعامته من قول عبد الله بن سلام، وكعب ووهب ومن يأخذ عن الاسرائيليات اهـ.
قلت: وقد بحثت هذه الأسانيد التي أشار إليها العلامة المعلمي رحمه الله تعالى، فإن الأمر كما ذكر رحمه الله تعالى بل أشد وأعظم مما ذكر ثم قال رحمه الله تعالى: وتسمية الأيام كانت قبل الإسلام تقليدا لأهل الكتاب، فجاء الإسلام وقد اشتهرت، وانتشرت فلم ير ضرورة إلى تغييرها، لأن إقرار الأسماء التي قد عرفت واشتهرت، وانتشرت لا يعد اعترافا بمناسبتها لما أخذت فيه أو بينت عليه، إذ قد أصبحت لا تدل على ذلك، وإنما تدل على مسمياتها فحسب، ولأن القضية ليست مما يجب اعتقاده أو يتعلق به نفسه حكم شرعي فلم تستحق أن يحتاط لها بتغيير ما اشتهر وانتشر من تسمية الأيام اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: إن هذا ذكره السهيلي في الحوض الأنف وهو كما قال رحمه الله تعالى، وكلامه كما ترى وجيه سديد. وهنا اكتفى بالكلام حول الجزء الأول على معنى الحديث وقد ثبت بهذا أن ابتداء الخلق كان يوم السبت كما في هذا الحديث الصحيح.
وأما الكلام حول الجزء الثاني من معنى هذا الحديث فهو خلق آدم عليه السلام ثم عدم ورود ذكر خلق السماوات في الحديث لفظا فإني أفرد الكلام حوله مبتدءً على خلق آدم عليه الصلاة والسلام وأنه خلق متأخر عن خلق السموات والأرض بآلاف السنين ثم جمع في هذا الحديث بين الخلقين المتقدم والمتأخر، ومن هنا ظهر التعارض الظاهري بين القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف الذي تكلم عليه تخريجا وإسنادا.
وإلى هذا المعنى الواضح البين أشار الإمام أبو عبد الله الحاكم في مستدركه.