قلت: هكذا رد العلامة السهيلي على القائلين بأن الأحد هو الأول من الأيام التي وقع فيه الخلق مستدلا من هذا الحديث الذي أنا بصدد الكلام حوله، وعليه اعتمد ابن إسحاق في قوله وغيره من أصحاب الحديث والتاريخ والسير. ثم قال العلامة السهيلي في الروض1: في تسمية هذه الأيام بالاثنين إلى الخميس ما يشد قول من قال أن أول الأسبوع الأحد وسابعها السبت كما قال أهل الكتاب، ليس الأمر كذلك؛ لأنها تسمية طارئة وإنما كانت أسماءها في اللغة القديمة شيار، داول، واهون، ذجبار، ددبار، ومونس، والعروبة، وأسماءها بالسريانية قبل هذا أبو جاد، هو، زحطى، إلى آخرها، ولو كان الله تعالى ذكرها في القرآن بهذه الأسماء المشتقة من العدد لقلنا هي تسمية صادقة على المسمى به، ولكنه لم يذكر فيها إلا الجمعة والسبت وليسا من المشتقة من العدد، ولم يسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأحد والاثنين إلى سائرها إلا حاكيا للغة قومه لا مبتدئا لتسميتها، ولعل قومه إن يكونوا قد أخذوا معاني هذه الأسماء من أهل الكتاب المجاورين لهم، فالفوا عليها هذه الأسماء أتباعا لهم، وإلا فقد قدمنا ما ورد في الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام إن الله خلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد الحديث. والعجب من الطبري على تبحره في العلم كيف خالف مقتضى هذا الحديث، واعنف في الرد على ابن إسحاق وغيره، ومال إلى قول اليهود في أن الأحد هو الأول ويوم الجمعة السادس لا وتر، وإنما الوتر في قولهم يوم السبت مع ما ثبت من قوله عليه الصلاة والسلام أضلته اليهود والنصارى وهداكم الله إليه وما احتج به الطبري من حديث آخر فليس في الصحة كالذي قدمناه اهـ.
قلت: هكذا رد العلامة السهيلي على الإمام أبى جعفر الطبري مع تبحره في العلم على ترجيحه بلا مرجح، وذهابه إلى قول اليهود والنصارى وتركه هذه السنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ساق إسنادها عن طريق شيخيه القاسم بن بشر بن المعروف والحسين بن على بن يزيد الصدائي وكلاهما معروف بالعدالة والضبط. وأما تعارض هذا الحديث أعني حديث أبى هريرة رضي الله تعالى عنه بنص القرآن الكريم الوارد في سبع مواضع في كتاب الله تعالى فسوف يأتي الكلام حوله عند الكلام على معنى خلق آدم عليه الصلاة والسلام الذي ورد ذكره في هذا الحديث الشريف وأن خلقه قد تأخر عن خلق السماوات والأرض وما بينهما بآلاف السنين وليس هناك تعارض البتة كما يأتي مفصلاً.