بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوان والسادة! كان من أعز الأمانى وأحلى الأحلام عندى أن ألتقى فى مصر بفضيلة الأستاذ الشيخ حسن البنا المرشد العام للإخوان ولكن تأخرت زيارتى لمصر لأسباب قاسرة واستأثرت به رحمه الله وسبقت له الحسنى ولا أزال طوال عمرى ألوم نفسى على هذا التقصير والتأخير فى السفر على أن ما فات الإنسان من خير لم يكن ليدركه وكان أمر الله قدرا مقدورا وليس لى عزاء عن هذاا لحرمان إلا فى وجودكم والاجتماع بكم والحديث معكم فأريد أن أحييكم تحية كنت أحييها فقيد الإسلام وأبث إليكم بما فى قلبى من خواطر وأفكار وآمال وآلام وما أحمل لهذه الدعوة العظيمة وصاحبها من التقدير والإجلال والحب والإخلاصوما يخامر نفسى فى ذلك من سرور وأمل وما يساور نفسى كذلك من إشفاق ووجل فأرجوكم أن تسمحوا لأخيكم بشىء من التفصيل وتتكرموا عليه بشىء من وقتكم العزيز.
لستم فى حاجة أيها الإخوان الكرام أن أصور لكم العالم الإسلامى وما تجتاحه الآن من موجات سياسية واقتصادية وخلقية وأصف لكم الأخطار المسلطة على رقاب المسلمين وما أصيب به هذا العالم ويستقبله من نكبات ومصائب فأنتم من أعلم الناس بها ولكن الذى أريد أن أقول لكم أنه فى حيرة عظيمة وارتباك شديد إنه يتأرجح بين عوامل متناقضة وقوى متنافسة.
إن العالم الإسلامى حائر العالم بين دين لا يسهل عليه العمل به والقيام بمطالبه لعادات نشا عليها وحكومات أفسدته وتعليم أزاغه وشهوات لا تتفق مع عقيدته ورسالته وبين جاهلية لا ينشرح لها صدره لإيمان لا تزال له بقية فيه وقومية عجنت مع الاسلام وحضارة تخمرت مع الدين.
إن العالم الاسلامى حائر بين شعوب مسلمة بسيطة فى عقليتها ودينها وحكومات داهية لم تنشرح صدور رجالها لهذا الدين ولم تطاوعهم نفوسهم علىا لعمل به ولكنهم يصرون على أن يحكموا هذه الشعوب التى تؤمن بهذا الدين ولا يرون حياتهم وشرفهم إلا فى البقاء فى الحكومة ولا يرون لهم محلا فى الحياة إلا الزعامة والحكومة ولا موضعا فى العالم إلا المجتمع الإسلامى الذى ولدوا ونشأوا فيه فالشعوب فى تعب منهم وهم منها فى بلاء وعناء.
إن العالم الإسلامى حائر بين فطرته التى تنزعه الى الدين وتاريخه الذى يدفعه الىالإيمان والجهاد والكتاب الذى يقبل به إلى الآخرة ويبعث فى نفسه الثورة على المجتمع الفاسد والحياة الزائفة وبين التربية العصرية التى تزين له المادية وتطبعه على الجبن والضعف والزعامة التى تفرض عليه الاتكال على الغير والاعتماد علىالعدو والفرار من الزحف.
إن العالم الإسلامى حائر بين شباب ثائر ودم فائر وذهن متوقد وأزهار تريد أن تتفتح وبين قيادة شائخة شائبة قد أفلست فى العقلية والحياة وحرمت الإبتكار والإبداع والشجاعة والمغامرة.
إن العالم الإسلامى حائر بين مواد خام من أقوى المواد وأفضلها فى الإيمان والقوة والشجاعة وبين موجهين وصانعين لا يعرفون قيمة هذه المواد ولا يعرفون أين يضعونها وماذا يصنعون منها.
هذا هو العالم الإسلامى الذى يواجهه العالم اليوم فلا يجد فيه غناءه ولا يجد فيه غوثا ومعقلا عن لصوص العالم المنظمين وذئاب الإنسانية التى تحكمت وعاثت فيها.
ثم هذا هوالعالم العربى الذى تعيشون فيه أيها السادة وهو اليوم مع كل أسف أضعف أعضاء جسم العالم الإسلامى وقد كان