يقول د. شكري عيّاد: "النبر في اللغة العربية ليس صفةً جوهريّةً في بنية الكلمة، وإن يكن ظاهرة مطّردةً يمكن ملاحظتها وضبْطها. وإذا صحّ ذلك، فإنّ القولَ بأن الشعرَ العربي شعرٌ ارتكازيٌّ [نبري] كالشعر الإنكليزي أو الألماني قولٌ ليس له -حتى الآن- ما يسنده من نتائج البحث اللغوي. ولعلّ وصفَ جمهور المستشرقين للشعر العربي بأنه شعرٌ كمّيٌّ أن يكون أدنى إلى الصواب" ([4] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=62615#_ftn4)).
وفي دراسةٍ عمليّةٍ استقرائية؛ تبيّن للدكتور علي يونس أن النبرَ في الشعر العربي -كما في النثر- لا يُشكّل أيَّ نظامٍ إيقاعيٍّ. فتوزيعُ النبر غيرُ منتظمٍ ولا ثابت. كما لم تكن الأوتادُ مواضعَ للنبر في كلّ الحالات، ولا في أكثر الحالات ([5] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=62615#_ftn5)).
وفي الدراسة التي قام بها عن الكم والنبر في الشعر العربي ([6] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=62615#_ftn6))، حاول د. أبو ديب تأسيسَ نظامٍ عروضيٍّ يعتمد بصورةٍ رئيسيةٍ على النبر. إلاّ أن اعتماده شبه المطلق على ملاحظة النبر الواقع على الوحدات الإيقاعية (التفاعيل)، لا على الواقع الشعري، جعلَ دراسته نظريّةً بحتةً، وتفتقر إلى التطبيق العملي. فالانتظام النموذجي للبحر الكامل عنده مثلاً هو:
متفاعلن متفاعلن متفاعلن
حيث اللون الأحمر إلى موقع النبر القوي، والأزرق إلى موقع النبر الضعيف.
إلاّ أن البحر الكامل لا يرِد دائمًا بصيغته (السيمترية) تلك. فمن المعلوم أن وزن البحر الكامل يتحقّقُ عمليّاً بمئات الأشكال من الكلمات اللغوية، حيث يمكن للنبر أن يقع على أماكن أخرى مختلفة جذريّاً عن الأماكن التي حدّدها. خذ مثلاً قولَ ناجي:
وقفَ الشبابُ فداءَ محرابِ الْحمى ** وتجمّعَ الأشبالُ بَينَ يدَيْكِ
فتلفّتي تَجِدي عرينَكِ عامِرًا ** وتسمّعي كَمْ قائِلٍ لبَّيْكِ
يا مِصرُ أنتِ الكونُ والدنيا معاً ** وعَظائمُ الأجيالِ في تاجَيْكِ
ويشير اللون الأحمر إلى مكان النبر كما تحقّق عمليًّا في قراءةٍ للشاعر (فاروق شوشة) في برنامج لغتنا الجميلة ([7] ( http://www.alfaseeh.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=62615#_ftn7)). حيث يتضح تمامًا اختلاف مواقع النبر بين شطر وآخر، وعدم تطابق أيٍّ منها مع نموذج أبي ديب النظري. بل يُضاف إلى ذلك إمكانية قراءة هذه الأبيات بنبْرٍ يقع على مواضعَ أخرى دون أن يؤثّر ذلك على الوزن أو المعنى.
------------------
([1]) غويّارد، نقلاً عن أبي ديب، في البنية الإيقاعية ص220.
([2]) سا. ص212.
([3]) أبو ستّة، في نظرية العروض ص24، وآخرون.
([4]) موسيقى الشعر العربي لعياد ص 49.
([5]) كما تبين له أن النغمة الصاعدة ليس لها في الشعر العربي نظامٌ إيقاعي، ولا يمكن أن تعدّ أساسيةً في وزنه.
([6]) في البنية الإيقاعية ص 193 - 380
([7]) نظرة جديدة في موسيقى الشعر العربي، لعلي يونس ص 55 - 56.
ـ[نادية الندى]ــــــــ[06 - 11 - 2010, 01:52 م]ـ
إضافات مهمة، و مقتطفات مفيدة،
و أجوبة شافية،ربما يستغني بها مثلي عن مزيد من البحث المحيِّر،في هذا الموضوع.
أشكر الأساتذة الكرام على ما قدموه هنا.
ـ[خشان خشان]ــــــــ[06 - 11 - 2010, 03:47 م]ـ
أخوي وأستاذي الكريمين سليمان أبو ستة ود. عمر خلوف
تابعت ما تفضلتما به وأجده مثريا للموضوع. وبحكم متابعتي موضوع أستاذنا الغول وكثير من تداعياته أود أن أشير إلى ما يلي
1 - اختلاف تعريف النبر بين من تطرقوا له.
2 - اختصاص أستاذنا الغول بتعريف النبر على أنه مد للمقطع المنبور الذي هو عنده السبب السابق للوتد. وذلك يعني لي أنه تعليم للإنشاد مبني على فهم تام للعروض مبنيا عليه منفعلا به لا فاعلا فيه
3 - وهذا التعريف الموضوعي المحدد لدى أستاذنا الغول للنبر يسهل الحكم عليه دون خوف من التعقيدات العديدة التي أوردها أستاذنا سليمان أبو ستة.
4 - ما ذكره أستاذنا د. خلوف عن د. كمال أبو ديب:
¥