فالخلاصة يا أخي الكريم: أن العلماء لم يقدموا وجهاً على وجه، بل هما لغتان بمعنى واحد، وقد اقتصر على الفعل الثلاثي بعض العلماء، منهم الشيخ القاضي في الوافي، وكذلك د. أيمن سويد في تحقيقه للشاطبية، والله أعلم.
ـ[القارئ المليجي]ــــــــ[14 - Sep-2010, صباحاً 09:10]ـ
الأخ الفاضل المليباري
مرحبًا بك وأهلا، وكلَّ عام أنت بخير.
لم أطَّلع على مشاركتك القيمة إلا مؤخَّرًا، فاعذرني على تأخير الرَّد.
قولكم:
الإمام السيوطي لم يكن بصدد المقارنة بين الضبطين حتى يقال إنه قدم الرباعي على الثلاثي، بل هو بصدد ذكر الفائدة البلاغية في كلام الشاطبي.
ثم إن السيوطي لم يتلق المتن ولا علم القراءات عن علمائها وإنما درسها من خلال الكتب، ولذا أرى أنه لا يعتمد على شرحه في حل ألفاظ القصيدة كمرجع أساس.
أقول: الإمام السيوطي - رحمه الله - قال كلاما محدَّدًا مفاده أن قراءته للكلمة (يُخلِق) رباعيًّا.
وهذا هو المأخوذ من قوله: وفي "أَخلِق" و "يُخلِق" جناس مطابق، وفي "حَبْل" و "حِبْل" جناس محرَّف.
أما إن السيوطي لم يتلق المتن ولا علم القراءات عن علمائها وإنما درسها من خلال الكتب، ولذا أرى أنه لا يعتمد على شرحه في حل ألفاظ القصيدة ... فهذا ما كان ينبغي أن نتعرض له في هذا السياق؛ أولا: نحن نتكلم في ضبط كلمة واحدة من مقدمة أبيات الشاطبية، ولا تعلُّق لها بدقائق علم القراءات، وثانيًا: الرَّجل تصدَّى لشرح الشاطبية كاملة، وذكر في أول شرحه "أخبرنا شيخنا ... علم الدين ... البلقيني، وأم الفضل بنت أبي الفضل محمد ... إجازة منهما" فهل تظنه لم يتوفر على الرجوع في شرحه إلى ما يمكنه من كلام العلماء، وهو مع هذا لغوي قدير على ضبط مثل هذا.
والصحيح الذي توصلت إليه: أن الكلمة فيها ضبطان (يَخلُق) و (يُخلِق) وكلاهما صحيح، وهما لغتان بمعنى واحد كما أفاد الفاسي وابن جبارة.
نحن متفقان وجميع مَن كتب في هذه الصفحة في هذا .... الضبطان كلاهما صحيح، وهما بمعنًى، مع التحفظ على كلمة "لغتان" فإنها تقال في غير هذا.
ولا أعرف أحداً من الشراح رجح ضبطاً معيناً، ولكن يذكر بعضهم أولاً الصيغة الثلاثية وبعضهم يذكر الصيغة الرباعية، وليس في ذلك دلالة واضحة على الترجيح، فإذا كان شعلة والفاسي وأبو شامة ذكروا أولاً الفعل الرباعي، فإننا نجد في المقابل الجعبري والسنباطي وملا علي القاري قدموا في الذكر الفعل الثلاثي.
أقول: ليس هناك إشكال في تقديم الثلاثي؛ إذ هو الأصل؛ لأنه مجرَّد والرباعي هو الثلاثي زِيدَ فيه همزة الإفعال، فلا دلالة في تقديم الثلاثي مع ذكر الرباعي.
إنما الدلالة في تقديم الرباعي مع وجود الثلاثي.
وأرجو أن ينشرح الصدر لمثل هذا ولا يُعدّ من القول المستثقل.
وأما تعليقكم على ما نقلته عن الإمام السخاوي:
هذا ليس صحيحاً، فالسخاوي ذكر الرباعي والثلاثي معاً فقال رحمه الله (1/ 74) تحقيق د. مولاي: (ويقال: أخلق الشيء يُخلق، وخلق يَخلق إذا بلي).
فأرجو أن يكون ما نقلتموه أنتم هو الصواب، لكن هذا ما لديَّ، وهو تحقيق د. أحمد عدنان بن ياسين سعيد الزعبي، وقد نقلت نص الإمام السخاوي في الرابط الذي أشرتُ إليه ... قال: [أي: فجاهد به حِبْل العدا وما أوْلاه، كما تقول: اجعل زيدًا لمهمَّاتك وما أخلقه.
وللتعجُّب لفظان: أَفْعِلْ به، وما أفعله، فلفظه في أحدِهما لفظ الأمر، والفرق بينه وبين الأمْر لزوم الباء له في كلّ أحواله، وبقاء لفظه على حاله والمخاطَب جمع ومؤنث، فهو إذًا خبرٌ بلفظ الأمر، وجاز ذلك كما جاء [لعلها: جاز] الدعاء بلفظ الخبر، وقد قيل في الفرق بينه وبين "ما أفعل" أنَّه تعجَّب هاهنا ودعا غيرَه إلى التعجُّب، وثَمَّ تعجّب فقط.
((إذ ليس يخلق جدَّة)).
أي: لا تبلى جِدَّته كما جاء في الحديث.
ويقال: أخْلَقَ الشَّيء يُخلِقُ إذا بَلِي، وما لا تبْلى جدَّته خليق أن يُجعل عدَّةً في مجاهدة العدا.
و ((جديدًا)) فعيل من الجدّ]
والله - عزَّ وجلَّ - أعلى وأعلم، وله الحمد في الأولى والآخرة.
ـ[أبو تميم الأهدل]ــــــــ[16 - Sep-2010, مساء 12:08]ـ
وثَلَّثْتُ أَنَّ الحَمْدَ لله دَائِمًا ... ................... .
قال ابن جبارة المقدسي ـ رحمه الله ـ (المفيد في شرح القصيد 1/ 111ـ112):
"ويجوز فتح إنَّ في البيت وكسرها، وكلاهما مَرْوِيٌّ،
فالكسر على تقدير: فقلت: إنَّ الحمد لله ...
وفَتح أنَّ على تقدير حرف الجر، أي: بأنَّ الحمد لله". اهـ باختصار.
ـ[القارئ المليجي]ــــــــ[18 - Sep-2010, صباحاً 11:42]ـ
أشكر الشيخ أبا تميم الأهدل على المبادرة بتوسيع دائرة الموضوع، وأوافقه على ذلك.
وَإِضْجَاعُ رَا كُلِّ الفَوَاتِحِ ذِكْرُهُ /// /// /// حِمًى غَيْرَ حَفْصٍ طَا وَيَا صُحْبَةٌ وَلا
قال الإمام أبو شامة:
و (وِلا) في آخر البيت بكسْر الواو في شرح الشيخ [أي السخاوي] ورأيتُه في بعض النسخ من القصيدة بفتْحها، وهو أحسن؛ لأنَّ قبله: (وبنيانه وِلا) بالكسر وهو قريبٌ منْه.
فالكسر بمعنى متابعةً أي: أمال صحبة "طا" و "يا" متابعةً للنَّقل، فهو مفعول من أجله.
والفتح على تقدير "ذا وَلا" أي نصْر للإمالة ومحبَّةٍ لها، فهو حال من صحبة، أي أمالوهما ذوي وَلا.
والله أعلم.
¥